نداء الوطن
خالد أبو شقرا
التراجع النسبي للطوابير من أمام المحطات، وظهور بعض الانفراجات على مستوى كميات المحروقات الواصلة بعد رفع الدعم، لا يبشران بانتهاء الأزمة. فالعقوبات على سوريا، المترافقة مع نقص حاد في الدولار محلياً يدخلان المحروقات في سباق لا ينتهي بين ارتفاع الأسعار، التهريب وزيادة الطلب على الدولار. وهكذا دواليك يدخل الاقتصاد في دوامة لا حدود لها من الأزمات.
"بتر" طرف دعم المحروقات بعد مخاض طويل مع "غنغرينة" استنزاف أموال المودعين، لم يُتبع بـ"حمية" قاسية توقف المرض عند حده. فخسر المواطنون القسم الأكبر من قدرتهم الشرائية، والمودعون أموالهم، والاقتصاد طاقته الانتاجية، من دون أن يعني ذلك وقف تمدد مرض فقدان المحروقات وارتفاع أسعارها.
أسباب تفاقم أزمة المحروقات مستقبلاً
أربعة عناصر أساسية ستؤدي في القادم من الأيام إلى تفاقم أزمة المحروقات بحسب عضو المجلس الإستشاري للمبادرة اللبنانية للنفط والغاز "LOGI"، والخبيرة في شؤون حوكمة الطاقة ديانا القيسي، وهي:
- تعمد سوريا رفع سعر صفيحة البنزين إلى 18 دولاراً رسمياً، بعدما وصل سعرها في لبنان إلى 13 دولاراً. ونظراً لعدم قدرة النظام السوري على توفير المشتقات النفطية، وتحديداً مادة البنزين، بسبب العقوبات المفروضة، ارتفع سعر الصفيحة في السوق السوداء إلى 22 دولاراً. أي أن الفرق في السعر بين لبنان وسوريا يبلغ بحدود 10 دولارات. وعليه يبقى من مصلحة التجار بيع المواد للمهربين لتحقيق ربح أكبر بدلاً من بيعها في الأسوق المحلية.
- إستمرار مصرف لبنان بتوفير الدولارات للمستوردين مما يتوفر لديه من عملات أجنبية. ما يعني أن الضغط على التوظيفات الإلزامية مستمر.
- عدم القدرة على رفع الدعم كلياً، طالما المصرف المركزي هو من يوفر الدولارات على أساس سعر منصته الذي هو بنظره سعر السوق الموازية الحقيقي. إلا أن السعر الحقيقي في الواقع هو سعر السوق السوداء الذي يفوق سعر "منصة صيرفة" بما لا يقل اليوم عن 2000 ليرة لبنانية. ما يعني انه طالما التسعير مستمر على سعر المنصة طالما الدعم مستمر.
- سيدفع الارتفاع الأسبوعي بأسعار المحروقات نتيجة ارتفاع أسعار النفط عالمياً، وارتفاع سعر صرف الدولار محلياً إلى استمرار التجار، وتحديداً بعض أصحاب المحطات إلى التقنين في البيع والاحتفاظ بأكبر مخزون ممكن من أجل الاستفادة من فرق السعر وتحقيق الأرباح.
كل هذه العوامل ستؤدي إلى أمرين: شح في المعروض من جهة، وارتفاع في الأسعار من جهة ثانية. وبحسب القيسي فان المشكلة الأساسية لا تتمثل في رفع أسعار المحروقات في سوريا بقدر ما هي عجز النظام عن تأمين حاجته من المشتقات النفطية بسبب العقوبات عليه. ذلك أنه لا قدرة للنظام لتأمين حاجاته من المحروقات خصوصاً البنزين، إلا بواسطة الأساليب غير الشرعية، والتي يأتي في مقدمها التهريب من لبنان. فالأخير يمثل للنظام أسهل وأقرب طريق لوصول المواد النفطية لثلاثة أسباب رئيسية:
- الحدود الجغرافية المشتركة.
- كثرة أعداد المعابر غير الشرعية.
- إنعدام الرقابة على الحدود، وتقصّد تركها مفتوحة.
تذرع البعض بأن الكميات التي ستصل لبنان تكفي السوقين. خصوصاً مع إمكانية تراجع الطلب نسبياً على المشتقات النفطية في لبنان بعدما أصبحت أسعارها مرتفعة جداً، "ليس منطقياً"، من وجهة نظر القيسي. فـ"تلبية حاجة السوق السوري تؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار في لبنان. وكلما زاد الطلب عن العرض يرتفع سعر صرف الدولار أكثر. الأمر الذي يؤدي إلى المزيد من ارتفاع أسعار المشتقات النفطية. وهكذا دواليك، ندخل في دوامة ارتفاع الاسعار من دون أن تنتهي المشكلة". وبالنظر إلى سلسلة المدفوعات والمداخيل لمصرف لبنان خلال شهر آب يتبين فرق بمقدار يتجاوز المليار دولار. ومن المرجح أن يكون هذا المبلغ قد ضخ في الأسواق من أجل تثبيت سعر صرف الدولار والحد من الارتفاعات التي شهدها خلال الفترة الماضية. ونظراً لعدم استدامة هذه السياسة فان سعر الصرف سيعود ويرتفع عما قريب ويؤثر بشكل سلبي على أسعار المحروقات.
لقراءة المقال كاملا اضغط هنا.