زيارة جاويش أوغلو الى بيروت.. ورقة ضغط إيرانيّة بوجه السعودية؟

خاص ON | ميليسا نجم | Wednesday, November 17, 2021 4:45:00 PM

حركة بلا بركة، هكذا يلخّص المشهد في الأيام الأخيرة على خطّ بيروت والدول المجاورة "المتلهفة" لخرق جمود الأزمة والإنكفاء الخليجي والعودة المشروطة، فزيارة وزير الخارجية التركي آتياً مباشرةً من طهران حملت الكثير من الرهانات الخاطئة على الطرف التركي الطامح بموطئ قدم لأنقرة في بيروت، بدفع إيرانيّ تقاطع للمرّة الأولى في بيروت.

وفي السياق قال الخبير في الشؤون التركيّة جو حمّورة، في حديث لموقع LebanonOn، إن زيارة وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الى لبنان تحمل رسالتين أساسيتين. الأولى في الشكل أي أنه أتى مباشرةً من طهران الى لبنان، بما في ذلك من دلالات، والثانية أن هذه الزيارة "المفاجئة" لوزير الخارجية التركي، الى لبنان أتت في لحظة تغيب فيها المملكة العربيّة السعودية، والدول الخليجية عن لبنان، وعن الإهتمام بالشأن الداخلي اللبناني."

وأضاف حمّورة: "تأخذ الزيارة أهميتها إنطلاقاً من الإنكفاء الخليجي حصراً، فجاويش أوغلو ليس موفداً من طهران ولكن في مكان ما يبدو أن تنسيقاً حصل ما بين إيران وتركيا، يمتدّ ليشمل أماكن غير تقليدية كالتي كان يشملها سابقاً، فالتنسيق إرتكز في ملفّ أذربيجان وأرمينيا كما في العراق وسوريا، وهذه هي المرة الأولى التي يشمل التنسيق بين الطرفين لبنان".

ولفت الى أنه "بالإضافة الى ان الأتراك يحاولون، وليس بالضرورة أن يتحقق الأمر، إيجاد موطئ قدم لهم في بيروت نظراً لأن المملكة العربية السعودية غائبة، ما قد يساعد تركيا عل لعب دور أكبر مما تلعبه في العادة على الساحة الداخلية".

"الأكيد أن الساحة السنية تعيش حالا من الضياع، غير ناتج فقط عن الإنكفاء الخليجي، بل لأسباب سياسية داخلية مرتبطة بتيّار المستقبل، ولكن الشارع السنّي متقبّل لتركيا، ولكنه في الشق السياسي يولي الأهميّة ويفضّل الخليج منذ عهد الرئيس الشهيد رفيق الحريري". يردف حمّورة .
ورأى حمّورة أن "لا شيء يمنع في حال قامت تركيا بمجهود أكبر، والساحة السنية أيضاً تقبّلت تركيا بشكل أكبر من أن يكون لها تأثير أكبر وشعبية أكبر في لبنان."

وعلى صعيد آخر، قال حمّورة: "إن عدداً من الجمعيات اللبنانيّة، وعلى وجه الخصوص، في بيروت وطرابلس وعكار، تربطها علاقات طيّبة بالسفارة التركيّة وتقوم بالتعاون مع وزارة الخارجية التركية والسفارة التركية بتقديم مساعدات للمواطنين، أي أن تركيا لديها أساس تنطلق منه ولا تشق طريقها الى لبنان ولكن لا يضاهي هذا الحضور حجم الحضور السعودي."

"اعتقد انه من الطبيعي أن يشدد وزير الخارجية التركي على موضوع الإنتخابات ليس فقط إنطلاقاً من مصلحة ما، ولكن الإنتخابات مطلب غربي وأوروبي أي أنه مطلب عام وموقف شكلي يعبر عن رأي الجمهورية التركية". أكد حمورة .

وعن طموح الأتراك بإيجاد كتلة نيابية في البرلمان تعبرعن نفوذ أنقرة في بيروت، فإعتبر حمورة أن "النفوذ التركي ضعيف في لبنان."

وأشار حمّورة الى أنه "من الممكن أن توجد مبادرة تركيّة، ودفعة إيرانيّة لتركيا الى لبنان ولكن بغض النظر عن الأسباب والدوافع فإيران مستفيدة، وذلك اذا إستطاع الأتراك تحقيق نتيجة ما في الشارع السنّي اللبناني فإن ايران يهمها إستبدال النفوذ السعودي بالنفوذ التركي في لبنان لأنه شبكة مصالحها وعلاقاتها التجارية والسياسية والدبلوماسية والملفات التي تربطها بتركيا. فإذا أضيف ملف لبنان فيمكن تحقيق تفاهم ما بين طهران وأنقرة، بينما التفاوض مع السعودية صعب ومرتبط بالولايات المتحدة والنفوذ الخليجي والداخل السعودي، ولا أعتقد أن ايران ستواجه مشكلة في تصاعد النفوذ التركي في لبنان لا بل على العكس سيكون الأفضل لها."

وأكّد حمّورة أنه "لا شيء يضمن بأن هذا الشيء قابل للتحقق بشكل سريع لأن الطرف التركي لا يزال بعيداً."

أما على صعيد الوساطة القطرية قال حمّورة: "موضوع الطرف القطري فهناك خط إشتباك بينها وبين المملكة العربيّة السعودية على الرغم من التواصل الدائم والتنسيق على أعلى المستويات مع تركيا ولكن لا عدائية بين قطر والسعودية وبقية دول مجلس التعاون الخليجي ولكن هنالك نوع من فض نزاع وربط نزاع بين الطرفين".

وأضاف: " الطرف القطري يمكنه التوفيق بين الطرفين ويمكنه العمل على موضوعين في الوقت نفسه وهكذا يعمل القطريون في السياسية، ولكنهم لا يطلعون الأطراف على ما يريدونه، بل يعملون لحين أن يعلم الطرف الآخر ما يريدونه في النهاية."

"ولو أن الرئيس سعد الحريري لديه إستثمارات في تركيا وعلاقته ممتازة بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان ولو أنه كان أحد الشهود على زواج كريمته فالعلاقة على المستوى الشخصي جيدة جداً لا بل ممتازة"، يقول حمورة، ويضيف: "على الرغم من أن الرئيس الحريري يحظى بمكانة خاصة لدى الرئيس اردوغان، ولكنه لم يستبدل الراعي السعوديّ بالطرف التركي يوماً، وقد تأخر الرئيس الحريري كثيراً للقيام بهذا الموضوع ولا أعتقد أن لديه الوقت الكافي للقيام بذلك".

وعلى خطّ آخر، رأى حمّورة أن "المملكة العربيّة السعوديّة، تتخوف من وجود بديل لها على الساحة اللبنانية وهي لم تتخل عن لبنان بشكل كامل، ولكن عودتها مشروطة ومنها بداية بإستقالة وزير الإعلام جورج قرداحي، وصولاً لكبح جماح حزب الله في لبنان وبالتالي أعتقد أن السعودي لا يستطيع التعاطي بعدائية مع لبنان والإبتعاد كليا عنه لأن تركيا قد تكون البديل رغم صعوبة الوضع، الا انه قد يشكل ضغطاً على الطرف السعودي".

وأكد حمّورة أن "ما يحصل اليوم هو نوع من الضغط التي تقوم به إيران على دول الخليج، وذلك بالتلويح بالطرف التركي بديلاً وليس محض صدفة أن توفد الدولة التركية مسؤولاً رفيعاً كوزير الخارجية وليس مستشار لأردوغان، وأن عملياً كان في طهران آتياً الى لبنان على الأقل هناك إتفاق ايراني تركي يخصّ التوجه الى لبنان؛ فالطرفان لهما مصالحهما وليس بالضرورة أن تكون عينها، ولكن على الأقل في هذا الموضوع فالطرفان لهما مشاكل مع السعودية وكل منهما على طريقته."

والسؤال هل تستطيع تركيا لعب دور البديل؟ صعب ولكنه غير مستحيل وذلك من بوّابة الضغط على السعوديّة.

وختم حمّورة: "الحريري غير قادر على اصلاح علاقته بالمملكة، نظراً لمطالب المملكة منه، فالمطلب الأول هو كبح جماح حزب الله وطموحاته في الدولة اللبنانيّة، وهو غير قادر على فعل ذلك، لا بل كان مرشح حزب الله لرئاسة الحكومة قبل الرئيس نجيب ميقاتي، والمطلوب من الحريري ايضاً على صعيد السياسة الخارجية للبنان ان تكون متوافقة مع الإجماع العربي الذي تمثله المملكة والحريري غير قادر على لعب هذا الدور، فالأزمات أملت ذلك إنطلاقاً من أزمة الوزير شربل وهبة وآخرها أزمة الوزير قرداحي، فهو عملياً "إخترب بيتو."

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا