لبنان يراوغ صندوق النقد بإعلان الإفلاس.. فهل الدولة مفلسة؟

خاص ON | ميليسا نجم | Monday, April 4, 2022 9:14:00 PM

ميليسّا نجم خاص LebanonOn:


صاعقاً وقع إعلان نائب رئيس الحكومة سعادة الشامي في مقابلة تلفزيونية مفاده أن الدولة ومصرف لبنان مفلسان، فما مرّ بادئ ذي بدء مرور التداول الإعلامي لإنشغال أصحاب الشأن في الإجتماعات مع بعثة صندوق النقد وصمّ الآذان عمّا صدر من الشامي الذي يحمل في فحواه الكثير من الحقيقة ولو أن التصريحات التي أعقبته غداة التفاعل الكبير داخلياً مع الخبر، وذاك العربي والدولي المدوّي، وحيّز التساؤلات الكثيرة التي اثارها.
ولو أن حاكم مصرف لبنان ورئيس الحكومة سارعا لتلقّف ردّات الفعل وتبديد المخاوف الا أن التلويح بالإفلاس دون جرأة النطق بإعلانه يستدعي التوقف والسؤال.
وللغوص في مدلولات اعلان الدولة الإفلاس، يشرح الخبير الاقتصادي والأستاذ المحاضر الدكتور خلدون عبد الصمد في حديث لموقع LebanonOn، معنى إعلان الإفلاس، ويوضح: " الإفلاس يعرّف على أنه ارتفاع نسبة المصاريف مقارنةً بالمداخيل في شركة او دولة ما بنتجية الفساد وسوء الإدارة،
وعندما تفلس الشركة او الدولة عندها تعمد الأطراف المدينة الى وضع يدها على أموال الشركة فإما تبيعها في المزاد او تستثمرها والأمر عينه ينطبق بالنسبة للشركات والمصارف الكبرى والصغرى.
ويذكّر عبد الصمد، بنماذج عن الحلول قديماً والتي تحصر بإثنين، فعند إعلان الدولة إفلاسها، تقوم الدول المقرضة، بالسيطرة عسكرياً وسياسياً على هذه الدول والإستيلاء على مواردها تماماً كما حصل في العراق آنفاً ودول عدة أخرى، وبالتالي تصبح هذه الدول تابعة لها.
أمّا في حال لبنان اليوم، فلا يمكن أن تلجئ الدول المقرضة، مثل الولايات المتحدة الأميركية الى السيطرة او الإستعمار العسكري. ولو أن لبنان متعثّر إقتصادياً ومصارفه متعثرة والأمر عينه ينطبق على مصرف لبنان الذي إستنزفت إحتياطاته، والمصارف.
ويضيف: "عادة يكون الطرف المقرض هو البنك الدولي المؤلف من عدة دول وعدة اشخاص وتسيطر عليه مجموعة دولية، وبالتالي لا يمكن لأن تقوم كل هذه الأطراف بتقاسم السيطرة على بلد واحد."
ويتابع عبد الصمد: " بعد إعلان الإفلاس، يقوم البنك الدولي بفرض شروطه على الدولة وغالباً ما ترجح كفّة الشروط للدول المقرضة بطبيعة الحال على حساب الدولة اللبنانية."
وفي السياق إعتبر عبد الصمد، أن اعلان افلاس الدولة لم يصدر رسمياً، أي من الحكومة والمصرف المركزي، ولكنه صدر عن نائب رئيس الحكومة وليس من الجهات الرسمية، فهم أمر مهول.
أما ما حصل فيصنّفه عبد الصمد في سياق البروبغندا، والضغط على المستثمرين، وإذا أعلن ذلك بشكل رسمي فإن لبنان يكون بذلك قد إتخذ الخطوة الأولى، ويأتي بعدها تدخل صندوق النقد الدولي عبر فرض شروطه التي تبدأ بإعادة هيكلة الديون بفوائد مقبولة ومهل ميسرة لسداد المترتبات، بالإضافة الى منح مزيد من الهبات.
ويستطرد: هناك عدد كبير من الدول الدائنة للبنان منها دول الخليج، والولايات المتحدة وعدد من الدول الصديقة.
ويرى عبد الصمد أنه من الأفضل أن يقدّم البنك الدولي تسهيلات للبلد المديون قبل إعلان ذلك رسمياً.
على خطّ آخر، يشير عبد الصمد الى أن لبنان فعلياً مفلس، موعزاً الأمر الى إستخدام المركزي إحتياطه الإلزامي، الذي يعني عملياً أن البلاد دخلت مرحلة الإفلاس، لافتاً الى أنه حين تخلّف لبنان عن سداد متوجباته من سندات اليوروبوندز سابقاً، فهو بذلك قد أعلن صراحةً أنه غير قادر على الدفع مستقبلاً.
فالمترتبات الأساسية، كالرواتب والتقديمات الإجتماعية فهي غير قادرة على تأمينها. أضف الى ذلك شح السيولة النقدية والعملة الصعبة وهجرة المستثمرين الكبار وافلاس الشركات فهذا يعني اننا دخلنا الإفلاس مالياً واقتصادياً.
ويوضح: "اعلان الإفلاس لا يعني فقط تمرير "الكابيتال كونترول" بل تمرير شروط صندوق النقد الدولي من إصلاحات وإعادة هيكلة المصارف وتقليص اعدادها وتثبيت سعر الصرف..
توازياً، شدد عبد الصمد على أنه هناك شقان فيما يخصّ القبول بشروط صندوق النقد الدولي شق سياسي وشق مالي، فلا يمكن اغفال المحاولات الحثيثة لإعادة لبنان الى الحضن الغربي، بدلاً من أن يقف ما بينها وبين دول "الشرق" كالصين وروسيا وايران، حيث ان المعادلة تقوم على الاساس التالي اما ان تتجهوا شرقا وتستوردوا بضائع "الشرق" وان تلاقوا العقوبات واما ان تعودوا الى الغرب الذي سيقدم لكم التقديمات اي ان ما يحصل هو محاولة لإخضاع لبنان لشروط الصندوق بشكل أو بآخر.
اما بالنسبة لنموذج الأرجنتين فليس وحده كسيناريو قائم بل هناك سيناريوهات عدة ممكنة كما حصل في اليونان التي عومها الإتحاد الأوروبي، وتركيا التي شطبت الأصفار من عملتها والسيناريو الإيطالي قبل ان يعتمد اليورو كعملة رسمية وفنزويلا وإيران.
اما فيما خص بيع أصول الدولة فهذا الامر غير ممكن لأن الاصوال الداخلية تمس السيادة والخارجية عبارة عن سفرات وشركة طيران الشرق الأوسط وبالتالي فإن لبنان ليس بالدولة الكبيرة لكي يتمكن من السيطرة عليها.
أما بالنسبة لإحتياطي الذهب، فلا يمكن غستخدامه استعماله بدو اجماع لبناني وموافقة المصارف المودع الذهب لديها، والذهب كان سبب صمود لبنان في الحروب.
ويلفت عبد الصمد الى أنه على الرغم من ضخامة إحتياطي الذهب الا أنه لا يستطيع تغطية ديون لبنان الضخمة.
ويستشهد عبد الصمد بما حصل في فنزويلا عندما طلب المسّ بالإحتياطي لتسييله وعندها رفضت بريطانيا الأمر دون إستفتاء شعبي يوافق على ذلك.
ختاماً، يظهر جلياً أن تصريح الشامي يأتي في إطار مرواغة الصندوق، ومحاولة واضحة لإستباق الإجراءات خصوصاً بعد ربط ملف منح لبنان مساعدات مقرونٌ بالتوصل الى إتفاق فيما يخصّ مسألة ترسيم الحدود البحرية، وبالتالي تحول السلطة الحاكمة التذاكي كعادتها، ورمي الإفلاس كطعم يتوخّى منه مرادها وهو الدفع الى الأمام والإلتفاف على العجز الفظيع في تطبيق أدنى شروط الإصلاح.

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا