بشرى جميل

في بلد العجائب، لم تتوقف "الدولة الفاشلة" عند حدّ الاستهتار بشعبها، لا بل تعدّت الامر وصولا إلى الاستهتار بـ"حماة الشعب". الأزمة اليوم، ضحاياها عناصر الدفاع المدني الابطال، الذين يرمون انفسهم في النار دفاعا عنا، المسعفون الذين ينقذون الارواح، سواء في الحر او في البرد.
ابطال الدفاع المدني حرموا في وطنهم الذين خدموا فيه من ابسط حقوقهم، لا بل من سلامتهم، إذ باتوا مجردين من اي تأمين صحي يضمن حقهم، ويحميهم، كما هي الحال بالنسبة للآليات.
فقد رفع مدير عام الدفاع المدني العميد ريمون خطار الصوت منذ اشهر، وتحرّك باتجاه الحكومة بهدف الوصول إلى حلّ يحمي ويعيد الحق للعناصر والمؤسسة، ولكن من دون جدوى. فالكتاب لا يزال في درج في السرايا الحكومي ولا من يجيب.
امّا المستجد... فيكمن في كون المصيبة وقعت فعلا!
يوم الاحد الماضي، وقع حادث سير مروّع على اوتوستراد المديرج، حيث اصطدمت آلية تابعة للدفاع المدني وهي في طريقها إلى احدى المهمات بفان صغير محمّل بالركاب. وبحسب ما كشف لنا مدير مركز حمانا في الدفاع المدني، لويس القمري فإنّ الفان مرّ بسرعة فائقة وتخطّى آلية الدفاع المدني واصطدم بها بطريقة مروّعة الامر الذي ادى إلى وفاة شخصين. وقال: "احقية المرور بحسب قانون سير تكون دائما لسيارات الاسعاف والدفاع المدني خصوصا وهي في طريقها إلى احدى المهمات." ونتيجة الحادث، اوقف سائق الية الدفاع المدني ولا يزال حتى اليوم موقوفا، في حين ان لا تأمين يغطّي الحادث، لا للآلية ولا لسائقها".
القمري رفع الصوت في حديث لموقع LebanonOn مناشدا الدولة اللبنانية التحرّك، فقال: " 220 مركزا للدفاع المدني و5000 عنصر و500 آلية ينفذون مهماتهم من دون تأمين.. هل يجوز هذا الامر؟ اين حقوق الانسان؟ المدير العام يحارب باللحم الحي، اين الدولة مما يحصل؟
واضاف: "آليات الدفاع المدني من دون صيانة منذ سنتين، وهناك آليات تعمل منذ سنتين "من دون غيار زيت".
وكشف انّ رؤساء مراكز الدفاع المدني قرّروا التوقف عن تلبية المهمات لأن التأمين غائب، سائلا: "انا إذا انكسرت اجري بالمهمة، مين بيطلع فيّي؟ ما حدا!"
ولفت القمري إلى انّ هذا القرار جاء من باب المسؤولية، مطالبا الشعب اللبناني بالوقوف ومساندتهم في موقفهم. وتفاجأ بالذل الذي تعرّض له العناصر في قصر العدل بعد الحادث، قائلا: "اياد (وهو سائق الآلية الموقوف) كان رح يتكلبج ببدلته لو ما نحنا اتدخلنا"!
وقال: "لن نسأل بعد اليوم لا عن التوظيف ولا عن القوانين بل عن الكرامة".
بأسف وحزن، اكّد القمري انه سيلّبي المساعدة ويلّبي النداء عند اي مهمة من دون بزته، وآلية الدفاع المدني ولكن بيديه قائلا: "بركض بطفي بالسطل وبإيدي بس ما بحرك الآلية".
وتوّعد الحكومة بالتصعيد في الايام المقبلة، فإذا كان المسؤولون يتصرفون "بلا مبالاة"، سنتصرف بالطريقة نفسها بحقّهم لا بحقّ الشعب، على حدّ قوله.
ويبقى السؤال اليوم: حمى متطوعو الدفاع المدني المواطنين لسنوات، فمن يحميهم اليوم؟