بالوثائق - رسائل مفخّخة تهدّد حسابات اللبنانيين وتسرق أموالهم: شخص متوفى وحساب مصرفي فيه الملايين والبحث جار عن وريث!

خاص ON | علي الحاج | Thursday, August 18, 2022 5:07:00 PM

علي الحاج - خاص موقع LebanonOn

كثيرا ما نسمع عن شبكات على الانترنت تمتهن السرقة والنهب، وتحتال على الناس؛ وفي الآونة الأخيرة، ومع الأزمات المتعددة وحاجة اللبنانيين الملحة إلى الأموال، تنتشر في لبنان ظاهرة الحسابات البنكية الخارجية المزورة بأسماء عربية وهمية، بحيث يقوم أصحابها بوضع ملفات في اطار قانوني مزوّر، ويقومون بتوريط الناس عبر محاكاتهم برسائل من حسابات مزيفة على وسائل التواصل الاجتماعي والبريد الالكتروني، ويقنعونهم بأن هذه الملفات حقيقية ليقوموا بعد ذلك بخداعهم وسحب أموال منهم والاختفاء.

ومن الرسائل الشائعة التي تمكّن موقع LebanonOn من رصدها، واحدة مفادها أن هناك حسابا لشخص متوفى، ويربط أصحاب هذه الحسابات قصة موته (هوية وهمية)، بحوادث حقيقية قديمة مثل انهيار مبنى أو زلزال في بلد أجنبي معيّن. وفي معرض هذه الرسائل يتمّ التركيز على فكرة ألّا وريث لهذا الشخص وأنّ لديه مبلغ كبير من المال في حساب بنكي، ولا يوجد أحد من عائلته يرث هذه الأموال. وتضيف الرسالة: "ان البنك سوف يأخذ اجراءات في الحساب، أو أن مدير البنك سوف يسرق هذه الأموال اذا لم يأت أحد من أقارب صاحب الحساب (الشخص المتوفى) وطالب بها".

وتتضمّن الرسالة، ملفات عن هويات (مزيفة طبعا) تفيد بأنها المسؤولة عن هذا الحساب تحديدًا في البنك، وتطلب من الضحية أن يراسلها لفترة ولكن بغاية السرية، لكي يرسل هو بدوره رسالة عبر البريد الاكتروني للبنك يعرّف بها عن نفسه بأنّه قريب الشخص المتوفى وانه يريد أن يرث حسابه البنكي، ومن ثم يبدأ هؤلاء المحتالون بالردّ عليه عبر البريد الاكتروني، لينتهي به المطاف برسالة أخرى تؤكّد أنّه تمّ قبول طلبه من قبل البنك وأنه يجب اتباع عدة اجراءات، فيطلبون منه توكيل محام من اختيارهم، ويبدؤون بعدها بسحب الأموال من الضحية على أساس أنها أتعاب المحامي.

وعن هذا الموضوع قال الخبير في الأمن السيبراني ايلي غبش في حديث لموقع LebanonOn انه يعلم حقيقةً انه هناك شبكات لبنانية تقوم بهذا النوع من الاحتيال، وان هناك لبنانيين كانوا سيقعون ضحية هذه العمليات من قبل أجانب، مضيفا أنّ "اللبنانيين الذين يعملون بهذا النوع من الاحتيال، ليس لديهم الابتكارية بأن يبتدعوها، فهذه الطرق من النصب، تخلق بمناطق بعيدة وتصل الى لبنان بطريقة او باخرى، ومن ثم يقوم بعض اللبنانيين بتقليدها".

كما يعتقد بأن من يقوم بهذه الأساليب الاحتيالية في لبنان هم أشخاص من أصحاب النفوذ، ومنهم أشخاص يقومون بتهريب الأموال.
ولفت غبش إلى أنّ "الاحتيال على وسائل التواصل الاجتماعي له عدة اوجه ويتم بطرق مختلفة، وهذا مثل واحد منها. فمنذ فترة وجيزة انتشرت صور لفتيات على وسائل التواصل مكتوب عليها اضغط هنا او بالانكليزية "please click here" وقد لاحقتها وجمعتها وهي بحوالي 20 موقعا، وتبيّن ان ملف الصور الذي يضعونه للتنزيل هو في الحقيقة "backdoor “ للكومبيوتر".

وأخبرنا غبش انه يعمد الى نشر هذه المواقع دائما لكي يقوم بتنبيه الناس منها، لكن للأسف فقد حذف فايسبوك منشوره الذي نشره للتوعية، بحجة انه يتعدى على الخصوصية. وحتّى انه كان قد نشر سابقًا عن الذين كانوا ينتحلون صفة شركة اتصالات ويقومون بأخذ المعلومات من الناس بطرق مختلفة.

وأيضًا تطرق الى شبكات تقوم بعمل حسابات على انها "United Nations “ وتعرّف عن نفسها بأنها تقوم بتوزيع مساعدات من خلال ملء البيانات الشخصية، ومن ثم تقوم ببيعها.

وعن سرقة الملفات الشخصية، اشار غبش الى أنّ كلمة hacking تعني الاختراق، وكل ما يقع خارج الاختراق فهو ليس hacking بل شخص محتال يريد الحصول على معلومات، ومن يقع في الفخ هو "أقل ذكاء" من المحتال؛ فإذا كان للشخص الذكاء الكافي بأن لا يقدّم معلوماته الشخصية في أماكن غير موثوقة فلا سبيل بعد ذلك للمحتال بأن يأخذ هذه المعلومات.

وعن الـ"links" أو الروابط الموزعة، قال انه يتم توزيع هذه الروابط مثلا في المناطق الفقيرة او بين الذين يعانون من وضع اجتماعي معيّن في الأماكن التي يتواجد فيها لاجئون سوريون مثلا ويقولون لهم ان "الأمم المتحدة تقوم بتوزيع ٤٠٠$ فالرجاء ادخل معلوماتك على هذا الرابط لكي ندرس ملفك ونرى بعدها إذا كنت تستحق ان تحصل على المساعدات".

وأضاف: "الأكيد أنّ الأمم المتحدة مش رح تحكيك واتساب" والهدف من ذلك فقط أن تملأ معلوماتك الشخصية في روابط المحتالين، وبعد جمع عدد من هذه المعلومات في منطقة معينة بكميات كبيرة ودقيقة نوعًا ما (رقم فلان، عنوان بيته، اولاده ….)، يبيعونها أو يتصرفون بها لأهدافهم المرجوة".

وأكّد غبش أنه "لا يوجد أي database للدولة اللبنانية محمية، وكل ما يشاع في التلفزيون عن الحماية هو غير واقعي"، وقال: لا يوجد cyber security عند الدولة اللبنانية، و"على كفالتي أي ولد "hacker يستطيع أن يخرق ويسرق معلومات cyber من الدولة، وهناك عدد كبير من الوسائل".

وتحدث أيضًا عن برنامج “TSU” الذي تداوله كثيرون من اللبنانيين منذ فترة وجيزة. البرنامج كان يدفع أموالا بالدولار اذا قام المستخدم بملء البيانات فيه وتقديم معلوماته الشخصية، وهو فعلًا كان يدفع الأموال لكن بعد التدقيق كشف غبش أن شركة البرنامج "اسرائيلية" وموقعها في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وهدفها جمع المعلومات؛ وتابع: "كانوا يعلمون بوضع اللبنانيين الصعب وحاجتهم للدولار، فصمّموا برنامج "TSU" ليعطوا اللبنانيين الدولار من خلالها الاستحواذ على معلوماتهم".

وشدد غبش على ضرورة وعي الأشخاص إلى هكذا أنواع من الاحتيالات، فبرأيه أنه لا يوجد ما يقف بين الشخص المستخدم لوسائل التواصل الاجتماعي وبين المحتال، ومن هنا تأتي أهمية الوعي لكل من يراسلنا على وسائل التواصل الاجتماعي، وان لا نسلّم معلوماتنا لكل ما هو مشبوه، فمثلا "من غير الطبيعي أن تراسلني الامم المتحدة على واتساب! ومن غير الطبيعي انه فجأة هناك بنك في أي بلد اجنبي قرر أن يعطيك مبلغا من المال! ومن غير الطبيعي أنه حدث خطأ في lottery Australia وقرروا أن يرسلوا مليار دولار الى حسابك"!

وأكّد غبش أخيرًا على أهمية عدم الضغط وفتح الروابط غير الموثوقة، فمن الممكن ان تكون غير ضارة في البداية، لكن ممكن أن تكون عملية جمع معلومات عنك تحضيرًا لهجوم على جهازك وسرقة معلوماتك الشخصية.

في النهاية هناك الكثير من طرق الاحتيال وكل محتال يتّبع أساليبه الخاصة، وللأسف فالطرق المضادة للاحتيال هي أقل، لكن الوعي وعدم المخاطرة في تسليم المعلومات الشخصية لجهات مشبوهة وروابط غير دقيقة، يبقى صدًا في وجه المحتالين غير الـ"hackers”، ومن هنا نرى أنه على كل من يتعرض لأنواع من الاحتيال والخرق، التوجه إلى الأشخاص المختصين بالأمن السيبراني والأجهزة الأمنية المختصة بالجرائم الالكترونية والمعلوماتية.

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا