في الشمال الثالثة: لا ربح ولا خسارة!

لبنان ON | | Saturday, August 20, 2022 8:17:00 AM

غسان سعود - الأخبار 

كل المعارك ضد التيار الوطني الحر منذ 17 تشرين الأول 2019 في كفّة، ومعركة إسقاط رئيس التيار جبران باسيل في عقر داره البترونيّ في دائرة الشمال الثالثة في كفّة أخرى. إسقاط باسيل كان مطلوباً لتتويج مسار طويل وممنهج لإضعاف التيار وإنهائه، والضربة القاضية التي أعدّ لها خصومه بعناية، فتوزّعوا الأدوار مستفيدين من الكرم الخليجي - الأميركيّ غير المحدود. قبل الانتخابات، كان محسوماً في هذه الدائرة فوز لائحة القوات اللبنانية بأربعة مقاعد من عشرة، ولائحة المردة - وليم طوق - سليم سعاده بثلاثة مقاعد، ولائحة ميشال معوض بمقعدين. ما لم يكن محسوماً هو من سيفوز بالمقعد العاشر: معوض أو لائحة «شمالنا» أو التيار الوطني الحر؟

ماكينة القوات كانت حاسمة بفوزها بالمقاعد الأربعة وتعمل لاقتناص مقعد خامس. ماكينة معوض - مجد حرب المدعومة كتائبياً كانت لديها حسابات مشابهة. والأمر نفسه ينطبق على ماكينة المردة المعروفة بجديتها. في المقابل، كانت ماكينة التيار تقول أقل مما تعرف بكثير، وما تعرفه كان مخيفاً. ليل 15 أيار الماضي، وُزّعت مبالغ مالية خيالية في البلدات والقرى الوادعة في أنحاء هذه الدائرة المتخمة بزعامات عائلية وأحزاب تقليدية وجمعيات ثرية. استفاق العونيون يوم الانتخاب على استسلام كثيرين من المقربين (لكن غير الملتزمين) أمام «عروضات» من يشترون الهويات أياً كان سعرها. في وقت، لم يكن للتيار يومها، في أقضية الدائرة الأربعة، سوى «نصف حليف» هو مرشح الحزب السوري القومي الاجتماعي وليد عازار، الذي تمتع بشجاعة استثنائية لمواجهة شخصية حزبية تاريخية مثل النائب السابق سليم سعاده المرشح على لائحة المردة. في زغرتا التي أهملها العونيون خدماتياً بعد انتخابات 2018، انشغلوا عن خصومهم - كالعادة - في انقسامهم بين بيار رفول وفايز كرم. وفي بشري، وصلوا إلى الانتخابات من دون أي تحضير مسلّمين مسبقاً بأنها «قلعة قواتية». مع إقفال صناديق الاقتراع، كان الجميع على ثقة بأن النتائج ستطابق التوقّعات، قبل أن تسفر عمليات الفرز عن مفاجآت بالجملة:

1 - فازت «شمالنا» بحاصل، وحققت نتائج مُشجعة في أقضية الدائرة الأربعة.
2 - لم تصل لائحة معوض - الكتائب - حرب، رغم كل الإنفاق المالي، إلى حاصل ثان، وفازت بمقعدين فقط بفضل حاصل واحد وكسر أعلى.
3 - تقدم معوض المتوقع سمح له بالفوز بمقعد ثان، فيما تراجع فرنجية غير المتوقع أدى إلى تراجع تمثيله في الدائرة من ثلاثة مقاعد إلى اثنين.
4 - لم تفز القوات بالمقعد الرابع الموعود، وحافظت على مقاعدها الثلاثة.
5 - حافظ التيار الوطني الحر بعد الحروب التي خيضت ضده على مقعديه.
بعد ترتيب المرشحين لمعرفة هوية الفائزين، احتفظ باسيل بمقعده، وسقط نائب القوات عن قضاء بشري جوزف اسحق أمام المرشح على لائحة المردة وليام طوق، صديق باسيل، وسقط النائب السابق إسطفان دويهي أمام مرشح «شمالنا» ميشال دويهي القادم من خارج النسيج الزغرتاوي السياسي التقليدي. في الكورة، سقط سليم سعاده وخسر آل غصن النيابة، فيما احتفظ النائب العوني جورج عطالله بمقعده. كان لكل من الأقضية الأربعة في هذه الدائرة قصته. احتفل معوض والتيار و«شمالنا» وطوق، فيما انكفأ القوميون الذين دفعوا باهظاً ثمن انقسامهم، والمردة الذين عوّضوا خسارتهم معنوياً بفوز طوق، والقواتيون الذين خسروا أحاديتهم في بشري.
لم تنهِ دائرة الشمال الثالثة باسيل كما كان مخططاً، ولم تطوّب جعجع زعيماً مسيحياً أوحد. ربح باسيل الحرب، وخسر فرنجية جولة مهمة لكنه لم يخسر الربح معوّضاً معنوياً بخرق وليم طوق. أما القوات فربحت بالأرقام لكنها لم تحقق أياً من أهدافها، فتصرفت كما لو أنها خسرت المعركة والحرب. وحدها «شمالنا» حققوا معادلة «رابح - رابح»: فازت بمقعد نيابي، وأثبتت حضوراً حقيقياً في بشري، ونوعياً مهماً في الكورة، وجدياً لا يمكن القفز فوقه في البترون، وحضوراً نيابياً بشخص خارج عن المألوف الزغرتاوي بخصوصيته العائلية والعشائرية والسياسية والاجتماعية.

في توزيع القوى السياسية، حلت القوات اللبنانية أولى في هذه الدائرة، حاصدة 39844 صوتاً، أي ما نسبته 15.44% من الناخبين الـ 257964، و31.61% من المقترعين الـ 126018. وتلاها تحالف الجميل - معوض - حرب (22613 صوتاً، 8.76% من الناخبين و17.94% من المقترعين)، وحلّ المردة في المرتبة الثالثة (19078 صوتاً، 7.39% من الناخبين و15.13% من المقترعين)، فالعونيون (15650 صوتاً، 6.06% من الناخبين، و12,41% من المقترعين). وحصدت اللوائح التغييرية الثلاث 15325 صوتاً (شمالنا - 14121، مواطنون ومواطنات - 974، أنطوان يمين - 230) بنسبة 5.94% من الناخبين، و12.16% من المقترعين. وجاء أخيراً الحزب القومي بمرشحّيه على لائحتي المردة والتيار (4263 صوتاً، 1.64% من الناخبين و3.38% من المقترعين).

القوات أولى
بلغ مجموع أصوات القوات من دون حلفاء (39844 صوتاً) نحو ضعف حجم المردة من دون حلفاء (20073). وحلّت أولى في كل من بشري (14315 صوتاً وأقرب منافسيها النائب وليم طوق - 3566 صوتاً)، والكورة (9477 وأقرب منافسيها مرشح المردة فادي غصن - 3695) والبترون (11223 وأقرب منافسيها النائب جبران باسيل - 8922). وتوزعت الأحجام بحسب الأقضية الأربعة كالآتي:
- في الكورة، حلت القوات اللبنانية أولى بـ 9477 صوتاً (فادي كرم - 9226، سامي ريحانا - 153، رامي سلوم - 98)، والحزب القومي ثانياً بـ 4263 صوتاً (سليم سعاده - 2836، وليد عازار - 1427)، ثم تيار المردة بـ 3695 صوتاً، و«شمالنا» رابعة بـ3324 صوتاً، فحركة الاستقلال خامسة بـ 3276 صوتاً، والتيار الوطني الحر سادساً بـ 3022 صوتاً. وقد عبّرت صناديق الاقتراع عن جو سياسي يخالف ما عرف عن الكورة الأرثوذكسية من توجهات مع حصول القوات و«شمالنا» و«الاستقلال» على 16077 صوتاً، مقابل 10980 صوتاً للقومي والمردة والتيار.
- في زغرتا، حل تيار المردة أولاً ووزّع أصواته الـ 13475 على ثلاثة مرشحين (طوني فرنجية - 8945، إسطفان دويهي - 4320، كارول دحدح - 510). وجاءت حركة «الاستقلال» ثانية رغم الدعم المالي لرئيسها ميشال معوض بـ 11339 صوتاً توزعت على ثلاثة مرشحين (معوض - 9261، جواد بولس - 2035، طوني مارديني - 43)، ثم المجتمع المدني («شمالنا») بـ 4155 صوتاً، والقوات اللبنانية رابعة بـ 3991 صوتا، التيار الوطني الحر خامساً بـ 2297 صوتاً.

وهنا أيضاً تمكن ملاحظة تغيير كبير في المزاج الشعبي مع حصول معوض و«شمالنا» والقوات على 19485 صوتاً مقابل 15772 صوتاً للمردة والتيار الوطني الحر.
- في البترون، حلت القوات الأولى (11223)، يليها التيار الوطني الحر 9246 (8922 لباسيل و324 للمرشح وليد حرب)، ومجد بطرس حرب ثالثاً (7076)، ثم «شمالنا» (4013)، وأخيراً تيار المردة (1908).
وهنا أيضاً يتبين أن القوات و«شمالنا» ومجد حرب حصلوا على 22312 صوتاً، مقابل 11154 صوتاً للمردة والوطني الحر، في تعبير صارخ عن تغير في المزاج الشعبي.
- في بشري، حلت القوات أولى بـ 14315 صوتاً، يليها وليم طوق (3566)، ثم «شمالنا» (1561)، وأخيراً التيار الوطني الحر (681)، ما يظهر تقدم القوات بنحو ضعفين ونصف ضعف عدد الأصوات على خصومها مجتمعين، بما فيهم المجتمع المدني والتيار وطوق.
تراجع التيارين
أما على صعيد اللوائح، فيمكن تسجيل الآتي:

القوات اللبنانية
زادت أصوات القوات في بشري (1648 صوتاً) والكورة (908) والبترون (1381) وزغرتا (990)، أي ما مجموعه 4927 صوتاً، وهو تقدم كبير جداً قياساً بعدد الناخبين والمقترعين. مع ذلك، لم تتحقّق توقعات القوات بنتيجة أفضل تمكنها من الفوز بأربعة مقاعد على الأقل. ويظهر التدقيق في أرقام المرشحين على لائحة القوات أنها اختارت خمسة مرشحين أساسيين (2 بشري، 1 البترون، 1 الكورة، 1 زغرتا)، لكنها بدل أن تختار خمسة مرشحين جديين آخرين من ذوي الحيثية العائلية أو المناطقية يمكن لكل منهم أن يرفد اللائحة بـ 500 صوت غير حزبي، فضلت اختيار مرشحين مغمورين بلا أي حيثية (ماغي طوبيا 89 صوتاً – زغرتا، فؤاد بولس 53 صوتاً – زغرتا، سامي ريحانا 153 صوتاً – الكورة، رامي سلوم 98 صوتاً – الكورة، ليال نعمه 129 صوتاً – البترون).

لقراءة المقال كاملًا الضغط هنا

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا