"متّ في أواخر العام 1995".. عن تجربة وهب الأعضاء: إيلي ينقذ حياة أب لطفلين وحسين يعود للحياة

خاص ON | ميسا جبولي | Thursday, May 11, 2023 3:50:00 PM

ميسا جبولي

"أعضاء جسمنا بعد الموت رح تفنى وتصير تراب.. ليش ما منخلي غيرنا يستفيد منها؟ انسان بحاجة لقرنية عين، زراعة قلب، كلى، أنسجة، كبد..." بهذه العبارات، عبّرت غنوة فرحات عن رسالة انسانية كانت تنتظرها منذ زمن.

قالت غنوى فرحات، ابنة الـ 26 من عمرها، إنها كانت ترغب منذ زمن بوهب أعضائها، إلا أنها كانت لا تدرك كيف ومتى ستقوم بهذه الخطوة.
وتابعت في حديثها مع موقع LebanonOn: "كنت أنتظر الوقت المناسب، إلى أن قرأت يوماً عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن قصة شاب يدعى ايلي، وهب أعضاءه قبل وفاته، فاستفاد من قلب ايلي، شاب في الـ 38 من عمره ولديه طفلان، لم يكن لديه أمل أبدا بأن يعيش بعد معاناة طويلة مع قلبه المهلك".
وأضافت: "أنقذ قلب ايلي حياة أب معيل لعائلته، وكان ذلك تعزية لأهل المتبرع، الذي اعتبرت والدته أن ابنها لا يزال حيا، قلبه في جسد جديد، ولم يمت".
وشدّدت غنوة على أن كل من يسمع بهذه القصة، سيقوم بما قمت به، تبرعت بأعضائي بكامل قناعتي.
وعن تقبل عائلة غنوة لهذه الفكرة، قالت إن "فكرة الموت أخافت محيطي وأهلي، خاصة بعد معرفتهم بقراري، إلا أن إصراري على الفكرة، اقنعهم".
وأشارت إلى أن البعض يحاول التشويش على رأيها: "بعض من محيطي دعمني، ومنهم من لا يزال يعتبرها فكرة "حرام" ويصر على مقولة "كما خلقتني يا رب، ومنهم من لم يعد لديه ثقة، فيعتبر أن الجمعيات التي تقوم بذلك، تتاجر بالأعضاء، ولا تقدمها هبة للناس، وهذا ما قد يخلق تخوفا لديهم".
وتابعت غنوة أنها لم تتردّد بوهب كل أعضائها، فوهبت: كل أعضائي، كالقلب، والكبد والكليتين والرئتين والبنكرياس والأمعاء، حتى الجلد والأوتار والصمامات والعظم والأوعية الدموية والقرنتين".
أما عن فكرة وهب أعضائها قبل الوفاة كالكليتين مثلا، قالت: "إذا كان ذلك لا يؤثر على حياتي طبعاً لن أتراجع".
وبصوت مليئ بالحب، ختمت غنوة حديثها قائلة: "أعظم من هكذا عطاء لن يكن، فما أجمل من أن يكون الجسد الفاني تحت التراب وقلبك يطرق في جسد كان يرغب بالحياة، وعيونك التي أغلقت، أعطت أملاً جديداً لمن كان يطمح برؤية النور".

بدوره، عبّر السيد حسين حيدر، البالغ من العمر 66 عاماً عن أمله في الحياة بعد 3 أعواماً من معاناته مع غسيل الكلى.
وقال في حديثه: "مت بآخر العام 1995، وعدت إلى الحياة بالـ 1996، فبعد أن عانيت 3 أعوام مع غسيل الكلى، وما أدراك ما هي معاناة غسيل الكلى". وتابع: "وصلت إلى مرحلة الانتحار الشخصي والعائلي، إلا أن الله أراد لي حياة جديدة".
وتابع: "ذات يوم، بعد أن كنت قد تواصلت مع جمعية تعنى بوهب الأعضاء، تلقيت اتصالاً من هذه الجمعية: "فحوصاتك الطبية تتطابق مع فحوصات شاب تبرع بأعضائه قبل وفاته، وبعد يومين ستجري عملية زرع الكلى".
"يومها لم أدرك إذا كان ذلك حقيقة أم حلم، يومها عاد الأمل لحياتي ولعائلتي"، وتابع حيدر بصوته المليئ بالأمل: "ولدت من جديد، واليوم اعتبر أن عمري 27 عاماً فقط منذ أن زرعت الكلى، وليس 66 عاماً".


رأي الدين في وهب الأعضاء


في وقت يعتبر البعض أن بعض الديانات تحرم ثقافة وهب الأعضاء، أوضح الأب عبدو أبو كسم في حديث مع موقع LebanonOn أن الكنيسة ليست ضد التبرع بالأعضاء بل على العكس.
وأضاف أن "إذا كان التبرع حر ومجاني وبإرادة كاملة، يقوم المتبرع بإعطاء عينيه او قلبه أو أي عضو آخر، تعتبره الكنيسة عملا محبة وعطاء، وليس عملا ممنوعا بل عمل محبذ ومسموح". وتابع: "هذا العمل فعل حب من الواهب، قد يفرح قلب من يتبرع وقلب المتلقي بنيل حياة جديدة".
وشدّد أبو كسم على أن "الكنيسة تحذّر من تحويل موضوع وهب الأعضاء إلى "تجارة في الأعضاء"، فتلقّي أي مبلغ مالي مقابل وهب الأعضاء لا تسمح به الكنيسة، مثل من يقوم ببيع كليته لإطعام أولاده، فهذا يعتبر محرم في الكنيسة".


من جهته، لفت الشيخ ياسر العودة الى أن "مرجع السيد محمد حسين فضل الله يرى انّه يجوز التبرع بالأعضاء وليس مقتصرا على أي عضو، فأي عضو قد ينقذ حياة شخص يجوز التبرع فيه، ويعتبر من أمور البِرّ والخير".
وأضاف أن "التبرع بالأعضاء قبل الوفاة يجب درسه مسبقاً، فإذا كان التبرع قد يشكل خطراً على حياة المتبرّع فلا يجوز، أما إذا لا يشكل خطراً على حياة المتبرع فيجوز".
وشدد عودة على انه " بالطبع، لا يجوز أخذ مقابل مادي، إلا أنه إذا حصل ذلك، ليس هناك مشكلة، خاصة إذا أراد المتبرّع إعطاء بدل مادي كدليل شكر للواهب".


فوهب الأعضاء، عملية تحول الموت إلى الحياة، حيث يرغب المتبرع بتقدمة أعضائه بعد وفاته لمن هو بحاجة، فيعطيه برعة بقلب، أو عينين أو كليتين، فيعود بقلب ينبض من جديد لحياة مليئة بالأمل.

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا