ممرّ الهند الجديد: بداية التطبيع بين اسرائيل والسعودية.. لماذا تم استثناء لبنان منه؟

خاص ON | محمد عبدالرحمن | Wednesday, September 13, 2023 3:20:00 PM

محمد عبد الرحمن-LebanonOn

أثار اعلان الاتفاق عن مشروع "ممر اقتصادي" جديد خلال قمة مجموعة العشرين، التي عقدت في مدينة نيودلهي الهندية يوم السبت الفائت، ردود فعل وحدثاً هاماً، ربما سيغير مجرى العلاقات بين عدة دول في العالم.

فقد اتفق القادة بمن فيهم الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي أعلن عن المشروع، على ما وصفه بايدن، بأنه "سيغير قواعد اللعبة"، لأنه سيضم عدة دول، ويشمل مشروعات للسكك الحديدية وربط الموانئ البحرية، إلى جانب خطوط لنقل الكهرباء والهيدروجين، وكابلات نقل البيانات، لتعزيز التبادل التجاري وتسهيل مرور البضائع.

وسيمتد الممر المقترح عبر بحر العرب من الهند إلى الإمارات العربية المتحدة، ثم يعبر المملكة العربية السعودية والأردن وإسرائيل قبل أن يصل إلى أوروبا.

ولكن بعد الاعلان عن هذا الممر، أين اصبح ممر طريق "الحرير" الذي كانت تستعد الصين القيام به؟ ولماذا تم اطلاق هكذا مشروع بين الولايات المتحدة والهند اضافة الى عدة دول عربية مع تهميش عدد آخر؟

وهنا، كشفت الدكتورة في العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية  ليلى نقولا، في حديث لموقع LebanonOn عن انه "لا يمكننا أن نشيد بأهمية هذا الممر، ولكن لا يمكن أن نعتبره على حساب طريق الحرير، فالممر الاقتصادي الجديد الذي تم الاعلان عنه في القمة العشرين من الهند مروراً بدول الخليج فاسرائيل الى أوروبا، مساره مختلف عن طريق الحرير الذي تود الصين اطلاقه، ومن الممكن أن يسير الاثنان معاً، لأن دول العالم بحاجة الى البضائع والسلع التي تأتي عن طريق الهند، كما انها بحاجة الى البضائع التي تأتي عن طريق الصين".

وأردفت: "على نحو مماثل، تطمح الهند إلى التحول إلى قوة صناعية كبرى، وتأمل الهند، في الحصول على حصة من الإنتاج العالمي من السلع، فيما سيتعين عليها رفع مستوى قدراتها البحرية من أجل هذا الممر، وهي لديها الآن موانئ ذات مستوى عالمي، مثل موانئ موندرا على ساحلها الغربي، ولكن هناك حاجة إلى المزيد من البنية التحتية للشحن في هذا القطاع".

وتابعت: "ما طرح في قمة العشرين، مشروع أميركي للتنمية "I2U2 موسّع" وهو وليس طريق الحرير. هو بالاساس مشروع فيه اسرائيل والامارات والهند والولايات المتحدة، طريق الحرير الصيني واستثنى لبنان، كما تم الاتفاق بين الصين واسرائيل على تطوير واستثمار مرفأ حيفا في ٢٠١٨، وبدأ ٢٠٢١".

وأضافت: "ما تم الاتفاق عليه في القمة العشرين لمصلحة دول العالم، ولا يمكننا أن نقول قد حصل ذلك لمصلحة هذه الدولة أو الاخرى، لأن المصالح اليوم تتشابك مع بعضها بين دول العالم، ولا يمكن لأي دولة تهميش دولة أخرى، فهذا النوع من الاتفاقات تأتي وتصب في المصالح التنموية الاقتصادية بعيداً عن السياسة".

وحول استثناء دول عربية، كسوريا ولبنان والعراق منه، لفتت نقولا الى أن "لبنان لا يمكنه أن يدخل بهذا الممر والسبب يعود لاسرائيل، التي لا يمكن له أن يقوم بالتطبيع معها، أما سوريا فالسبب يكمن بالعقوبات الاميركية عليها ولا سيما قانون قيصر الذي لا يخولها أن تدخل بهذا الممر أو حتى في أي مشاريع اقتصادية عالمية، أما العراق فالسبب يعود الى الصراعات الدائمة على أراضيه، لا سيما أن هذا النوع من الممرات التجارية العالمية يحتاج الى استقرار سياسي و أمني في البلاد التي يمرّ بها".

أمّا حول خروج هذه الدول من الهيمنة الاميركية، فقد شدّدت في حديثها على انه "لا يمكننا اليوم اطلاق عبارة دول محور الشرق ودول محور الغرب، اذ ان هذه المعادلة سقطت ولم يعد يوجد أي هيمنة من دولة على أخرى، لأن المصالح تتشابك مع بعضها بين مختلف الدول".

الممر الاقتصادي الجديد.. بداية التطبيع بين السعودية واسرائيل؟

وأشارت د. نقولا في حديثها الى انه "يمكن اعتبار هذا الممرّ بداية فتح الطريق حول تطبيع العلاقات بين المملكة العربية السعودية واسرائيل، لانه الطريق يمرّ بدول الخليج فالسعودية مروراً بالاردن واسرائيل نحو أوروبا، لأن الطريق يتضمن خطوطا تجارية برية وبحرية وسككا حديدية وبنى تحتية، اي سيكون هناك تواصل بين السعودية واسرائيل"، لافتةً الى أن "السعودية وضعت عدة شروط ومطالب على الولايات المتحدة مقابل تطبيعها مع اسرائيل في حال تم توقيعه، وتتلخص المطالب السعودية، التي يجري الحديث عنها مقابل التطبيع، في السماح ببرنامجٍ نووي سعودي سِلْمي، وتوفير شبكة أمان، من خلال تعهد الإدارة الأميركية، بالتعامل مع أي هجوم معاد ضد السعودية، مثلما تتعامل مع هجوم مماثلٍ على دولة عضو في حلف الناتو، وهو مايراه مراقبون أصعب تلك الشروط، رغم أن الرئيس الأميركي نفسه، أشار إلى أن هناك تقدماً في التفاوض حول تلك المطالب السعودية، وتجري حاليا عدة محادثات بين مسؤولين أميركيين وسعوديين حولها في اطار السعي الاميركي للوصول الى التطبيع بين السعودية واسرائيل".

استثناء لبنان من هذا الممر.. هل من علاقة له بانفجار مرفأ بيروت؟

أما حول لبنان، فاعتبرت نقولا أن "استنثاء لبنان يتعلق بعدم امكانيته التطبيع مع اسرائيل، وأيضاً أوضاعه الداخلية لأن المستثمر الاجنبي، يريد استقرار أمني وسياسي في أي بلد تقطع به ممرات تجارية دولية، وهذا الاستقرار لا يتمتع به لبنان، اضافة الى انحلال القانون وعدم النزاهة في القضاء، وأزمة المصارف اللبنانية وأموال المودعين، هذه الاسباب كلها تؤثر على استبعاد لبنان من هذه الممرات وعدم تشجيع أي مستثمر دولي أو شركة عالمية المرور به".

ورأت أنه في حال قام لبنان بتسوية أوضاعه الداخلية والخارجية، اي ترتيب الاوضاع الداخلية سياسياً وأمنياً واقتصادياً، ولا سيما مشكلة المصارف وعودة لبنان دولة تحكمها القانون، ما يشجع على أن يكون لبنان شريك في الممرين، الممر الجديد الصادر عن القمة العشرين وحتى ممرّ طريق الحرير"، منوهةً أن الصين تنوي القيام بعدة مشاريع في لبنان، وعرضت عليه ذلك ولكن المعضلة تكمن في الداخل اللبناني".

وختمت نقولا في حديثها عن لبنان، بإنه "لا شكّ في ان انفجار مرفأ بيروت تسبب في استبعاد لبنان من الممر، بسبب قوة ومنافسة الموانئ الاسرائيلية للموانئ في لبنان ولكن لا يمكن ان نعتبره السبب الرئيسي".

في المحصلة، تبقى العبرة في تنفيذ الربط بين هذه الدول وسرعة تقدم المشروع، وخصوصاً اليوم في عصر السرعة وتبدل الموازين في العلاقات الدولية، فهل من الممكن أن يحدث ما سيقلب الموازين ويبدل هذا الاتفاق؟ وهل من الممكن أن يدخل لبنان ليستعيد مكانته على الحوض الشرقي للبحر المتوسط الذي يربط الشرق بالغرب؟




| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا