ألان سركيس - نداء الوطن
تتواصل الاتصالات وزيارة الموفدين للبنان، وتضغط الدول الخمس التي تتابع الشأن اللبناني من أجل إتمام الإستحقاق الرئاسي سريعاً، لكن العقبات الداخلية والإقليمية والدولية لا تزال كثيرة وصعبة، ولا يوجد أي معطى في الأجواء يشير إلى قرب انتخاب رئيس.
يُقرّ أحد نواب «التيار الوطني الحرّ» بأنّ الرياح الإقليمية والدولية تهبّ في اتجاه ترشيح قائد الجيش العماد جوزاف عون، وفي نظر «التيار» تكمن الإيجابية في هذا التطوّر بشطب حظوظ رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية بشكل شبه كامل، وبعد تحقيق هذه النقطة ينتقل رئيس «التيار الوطني» النائب جبران باسيل إلى محاولة منع وصول قائد الجيش إلى بعبدا.
أبقت قطر خطوط التواصل مفتوحة مع باسيل في ظل الحصار الداخلي والخارجي الذي فُرض عليه، خصوصاً بعد العقوبات الأميركية، ويعمل الموفد القطري بكل جدية لتسويق إسم جوزاف عون، والمعضلة التي تظهر ليست بسبب رفض باسيل إنتخابه، بل في «الثنائي الشيعي»، إذ إنّ وصول «القائد» يتطلّب توافقاً إقليمياً مع طهران، لذلك يحرص «حزب الله» على عدم التصريح علناً بقبول هذا الترشيح أو رفضه.
وفي انتظار جلاء الصورة الإقليمية، تُبقي الدوحة على محاولاتها الحثيثة لانتخاب رئيس، واللافت أنّ بعض المطّلعين على الحراك القطري يتحدثون عن أنّ باسيل «قصّته محلولة»، فهو قد يقبل بقائد الجيش، لكن يستحيل قبوله بفرنجية، وأبلغ الى القطريين سابقاً رفضه مرشح «الثنائي».
وإذا حصل مثل هذا الأمر، فيعني استدارة كبيرة في موقف باسيل، ويتحدث البعض عن إعطاء قطر ضمانات له على مستويات عدّة أبرزها مساعدته على رفع العقوبات الأميركية المفروضة عليه سواء بالتفاوض مع الولايات المتحدة الأميركية أو بسلوك الطريق القضائية، أما الضمانة الأخرى فتتعلّق بالوضع المالي وحضوره داخل السلطة، ومن أبرز تجلياتها إبقاء وزارة الطاقة من حصته وسط إقبال لبنان على مرحلة إستخراج النفط والغاز.
وفي الوقت الضائع، يعود باسيل إلى لعبته، ففي حين وصل التقاطع بين باسيل والمعارضة إلى مرحلة الإفتراق، عاد فجأة وتواصل مع المعارضة ليؤكد لها الصمود على تقاطع الوزير السابق جهاد أزعور، فيما كانت كل التوقعات تشير إلى قرب إتفاقه مع «حزب الله» على ترشيح فرنجية، لكن باسيل وعلى رغم تقدّم الحوار، ما زال يرفض تجرّع كأس فرنجية المرّة على قلبه.
يظن باسيل أنّ الإبقاء على التقاطع مع المعارضة على أزعور يجعلها أسيرة هذا الترشيح ولا يسمح لها بالقفز لتبنّي ترشيح قائد الجيش، ولا يُشجّع رئيس مجلس النواب نبيه برّي على فتح أبواب المجلس، وبالتالي تبقى الرئاسة مُعلّقة.
ويسقط هذا الإستنتاج الباسيلي بسبب تركيبة الساحة اللبنانية، فالأحداث قد تتسارع، وأي ضغط دولي قد يدفع إلى تسريع الحلّ، ووسط رفض «الثنائي الشيعي» أن تأخذ اللعبة الديموقراطية مجراها وعدم سماحه للمعارضة بإيصال مرشحها، قد تكون البلاد أمام واقع جديد وهو البحث عن إسم ثالث.
ولا يستطيع باسيل وحده وقف تقدّم إسم قائد الجيش ونسف مبادرة القطريين المدعومة من «الخماسية»، فقد نجح في وقف رحلة وصول فرنجية، لأنّ «الثنائي الشيعي» يفتقد أكثرية النصف زائداً واحداً، والأهم إفتقاده الغطاء المسيحي، بينما تختلف الأمور إختلافاً جذرياً بالنسبة إلى عون، فموقع الأخير يمنحه تفوقاً مسيحياً ووطنياً، والمعارضة المسيحية وعلى رأسها «القوات» تسير به، وبالتالي حصل على الغطاء المسيحي، والتسوية الإقليمية والدولية ستكون العامل الأساسي في إيصاله، فإذا حجب باسيل أصوات كتلته عنه فلن يؤثّر هذا الموقف على حظوظه.
قد تكون زيارة الموفد القطري لجسّ النبض، وتشير المعلومات إلى انتظاره أجوبة من باسيل حول هواجسه، وما إذا كان سيسير بالتسوية او يعرقلها، في وقت ولّى زمن «حزب الله» الذي يُعطّل البلد كرمى لعينيّ باسيل، فـ»الحزب» سيسير بالترشيح عندما تصله كلمة السرّ من طهران، لذلك تعرف المعارضة كما «الحزب» ماذا يريد باسيل، ومن هنا تبدأ خطورة الموقف الباسيلي... وصعوبة الموقف.