محمد عبد الرحمن-LebanonOn
أصبحت اليوم معضلة النازحين السوريين مشكلة يعاني منها لبنان وبلاد الجوار لسوريا، بعدما هجر قسماً منهم قسراً بسبب الحرب التي فرضت عليهم، ولا بد من الاشارة الى لبنان، البلد الذي يعاني أيضاً من أزمات عدة لا تسمح له أن يتحمل أعباء النزوح الذي بلغ ارقاما قياسية، ولا سيما مع موجة النزوح الاخيرة التي تتسلل على الحدود اللبنانية – السورية المشرعة من دون حسيب أو رقيب.
الدولة اللبنانية تحاول جاهدة في الوصول الى حل. البعض يقول إنّه لا بدّ من الحديث مع الحكومة السورية حول التفاوض لاعادتهم الى مناطقهم، ولكن هذه الحكومة نفسها (اي الحكومة السورية) قد تخلت عنهم أمام أعين المجتمع الدولي، ولا تكترث اليوم تحت أي ظرف لمحاولة اعادة هذا الشعب الى أرضه ووطنه.
أما المجتمع الدولي "الغربي" المتمثل بالمفوضية لشؤوون اللاجئين في لبنان تضغط على الدولة في لبنان من أجل ابقائهم على أرضه مقابل المزيد من ضخ المساعدات سواء كان للنازحين نفسهم أم للمعنيين في الدولة اللبنانية بهذا الشأن.
في هذا الاطار، أشار المحلل السياسي نضال السبع في حديث لموقع LebanonOn الى ان "الرئيس السوري بشار الاسد لا يدفع بالسوريين الى الهجرة خارج بلادهم، من يدفع بهم للهجرة هي الاوضاع الاقتصادية جراء العقوبات على سوريا، فاليوم هذا الامر يدفع بالمواطن السوري الى الخروج من بلاده الى بلاد الجوار، ولا سيما الى لبنان لانه قريب ومفتوح أمامه الطريق".
وتابع السبع: "هنا علينا أن نقسم اللجوء الى قسمين، القسم الاول أتى من خلفية أمنية منذ العام 2011 لها علاقة بالحرب الداخلية السورية، وقسم آخر أتى في السنوات الاخيرة بعد انتهاء الحرب في السورية، وهذا بسبب الاوضاع الاقتصادية والمعيشية الضاغطة على الشعب السوري للخروج من بلده الى لبنان، وغيره من الدول".
ولفت السبع الى انه "لا يوجد رغبة لدى الحكومة السورية في دفع مواطنيها للهجرة، لأنّها بحاجة أليهم من أجل اعادة اعمار المدن والبنى التحتية المدمرة، وبالتالي على المجتمع الدولي الذي يمول ابقاءهم في لبنان أن يضع امكانياته في سوريا من أجل اعادتهم الى بلادهم، ان كان فعلاً يريد إلغاء معاناة هذا الشعب".
وأوضح السبع أن "مشكلة الحكومة اللبنانية تكمن في فتح الحدود البرية على مصراعيها أمام هؤلاء الوافدين، ولكن بالمقابل تقوم باغلاق الحدود البحرية منعاً من هروب هؤلاء النازحين الى أوروبا بحراً، وانما العاجز في ضبط الحدود البرية يكون أيضاً عاجزاً في ضبط الحدود البحرية، ولكن الحدود البحرية تضبط بسبب ضغط المجتمع الدولي على لبنان".
وأضاف: "نحن كلبنانيين نلبّي رغبة الغرب في ذلك، ولا يمكننا تحميل الرئيس السوري هذه المشكلة الذي ليس باستطاعته تقديم حلول وسط انشغاله لمدة 13 عاماً في محاربة الارهاب، ولا يمتلك الامكانيات أمام الدعم الاميركي لقوات قسد شرق سوريا، وسرقة النفط السوري وخيرات الشعب السوري، فكيف يمكن تحمل هذه المسؤولية لنظام يحارب الارهابي والاميركي والتركي على أرضه؟"
وسأل السبع: "لماذا مشكلة النزوح لم تكن موجودة في الاردن أو العراق او في تركيا؟، فتركيا نظمت الوجود السوري على أراضيها، ونشرت قواتها على الحدود مع سوريا، وأدخلت الى مناطقها الداخلية من تريده وتحتاج اليه من اللاجئين السوريين"، مشيراً الى أن "ما حصل في لبنان غير منظم، وهذا تتحمل مسؤوليته الدولة اللبنانية فقط".
وأشار السبع الى أن "هناك لهجة عنصرية تستهدف "السوري" منذ فترة وجيزة، وما حصل في بعض المناطق اللبنانية مؤخراً سواء في منطقة الدورة أو في البداوي، ينطوي تحت اطار التحريض الذي يتعرض له الشعب السوري في لبنان، وهذا لا يعني أن جميع النازحين السوريين هم عقلاء ولم يفتعلوا الاشكالات ولكن ليسوا جميعهم يتحمون المسؤولية، فجزء كبير منها يكمن على عاتق الدولة اللبناينة في ضبط حدودها و خصوصاً أن البريطانيين والالمان قدموا أبراج مراقبة للحدود البرية"، مشدّدا على أنّ "المعنيّين في لبنان والاجهزة الامنية تعرف من أين يدخل هؤلاء النازحين".
واعتبر السبع في حديثه الى ان "هناك غرفا سوداء وأفراد يستفيدون من العمل على التحريض من أجل وضع اللبنانيين في وجه السوريين ولخلق فتنة لبنانية سورية، مع العلم إنّ التواجد السوري في لبنان من قبل العام 2005، وهناك مليون عامل سوري في لبنان، وبعد العام 2005 مع انسحاب الجيش السوري من لبنان، بقي هؤلاء في لبنان، وحتى قبل العام 2011 ومع اندلاع الحرب الداخلية السورية بقي هذا التواجد".
وحول تسرب أفراد من "داعش" بين النازحين، قال السبع: "أن كل هذه الاحتمالات متاحة، ولكن لا يمكننا ان نحصر تجمع داعش بالنازحين السوريين، فهناك أفراد لبنانيون ينتمون الى هذا التنظيم، ولا بد من الاشارة الى انه منذ حوالي الاسبوعين، ضبطت الاجهزة الامنية اللبنانية أفرادا يتنمون الى تنظيم داعش في لبنان، وهم يحملون الجنسية اللبنانية، وليسوا من النازحين السوريين"، مشدداً على أن "تنظيم داعش أو أي مجموعة قتالية ليست مربوطة بشعب معين، والمسؤولية هنا تقع على الاجهزة الامنية في ضبط البيئات الحاضنة لداعش في لبنان".