تعرّفوا الى شروط "محور المقاومة" بعد إنتهاء الحرب في غزة: حذار الوقوع في هذا الفخ!

خاص ON | علي الحاج | Thursday, January 11, 2024 6:57:00 PM

علي الحاج - LebanonOn

مرّ على اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس الشيخ صالح العاروري أكثر من أسبوع، وجبهة الحرب مع "إسرائيل" لا تزال متوترة ومصدر قلق رغم اشتعالها الدائم منذ بداية طوفان الأقصى، خوفا وتحضرا للردّ الذي ينتظره الإسرائيليون من حركات المقاومة على هذا الإغتيال.

وللعاروري رغم موقعه القيادي الرفيع، حسابات عديدة مع الإسرائيليين بعد اغتياله لأسباب كثيرة، منها ما يتعلق بحماس نفسها التي كان قياديا فيها، أو مع حزب الله الذي كان يستضيف العاروري والذي تم اغتياله في عمق منطقته في الضاحية الجنوبية لبيروت، والذي كان واضحا أمينه العام السيد حسن نصرالله في خطابيه الأخيرين حول الإصرار على الردّ.

ومع كل هذه الحسابات والآراء المتخبطة والمتفاوتة عن طبيعة الردّ وبخاصة بعدما قام الحزب بضرب موقع ميرون الإسرائيلي، خاض العديد من الخبراء السياسيين تحاليل عن ماهية هذا الردّ وماذا سيفعل الحزب بعده وقد قامت إسرائيل باغتيال آخر للقائد الميداني في الحزب وسام الطويل المعروف باسمه العسكري "جواد"، فأصبح مسار الجبهة غير واضح، وكذلك سقف اشتدادها وحجم نطاقها.

لذلك كان لموقع LebanonOn حديث مع الإعلامي الفلسطيني المقيم في لبنان الأستاذ كمال خلف، الذي كان آخر من أجرى مقابلة مع الشيخ صالح العاروري قبل اغتياله، ليخبرنا عن قراءته للردّ على اغتيال العاروري ومستقبل الصراع وأمور أخرى.

أكد الإعلامي كمال خلف لدى سؤاله عن عدم استطاعة "إسرائيل" إغتيال أي مسؤول حمساوي في غزة رغم ضيق المساحة وانعدام الأمان وجنون النار وكل فنون القتل هناك، لتتصيدهم بكل سهولة ودقة في لبنان رغم كل تدابير الحماية والتحوط الأمني، أن هذا الموضوع يدخل في عالم الأمن والإستخبارات، وأن الإسرائيليين يقومون بتجهيز معلومات، وعلى قدر المعلومات يعملون عليها. وبالنسبة لغزة فقبل طوفان الأقصى و7 أكتوبر، أثناء التجهيز للطوفان، كانت القسام تضع حسابات أمنية، بحيث انهم يعلمون أن الإسرائيليين سوف يشنون هجوما ردا على هجوم 7 أكتوبر، وممكن أن يصل هذا الهجوم إلى إجتياح بري أو حرب إغتيالات، أو تدمير غزة من الجو، لذلك إتخذوا كل احتياطات.

وتابع: "أما صالح العاروري، فكان اغتياله واصطياده وقتله أسهل بالنسبة للإسرائيليين، لأنه أولا مُتابع ومُراقب منذ زمن ومهدد من قبل نتنياهو شخصيا، وقد أعلن في مؤتمر صحفي ذلك سابقا، بأنهم سيقتلونه، ووضع صورته على التلفزيون الإسرائيلي بأنه مطلوب"، مشيرا الى أنّ "حركة صالح العاروري أوسع من قادة القسام في غزة، فهو يسافر الى الدوحة وإلى تركيا ويأتي إلى لبنان، ويجتمع بشخصيات عديدة؛ أمّا اجتماعات بقية قادة القسام فهي محصورة، وباعتبار أنّ غزّة محاصرة، فليس هناك ضيوف يضطر قادة القسام للسفر أو التجول للاجتماع بهم، وإن إسرائيل عندما يتوفر لها الهدف، فتذهب مباشرة باتجاه اصطياده أيا كان، وهذا ما حدث مع الشيخ صالح للأسف".

ورأى خلف أن "الردّ على اغتيال العاروري سيكون من لبنان، وسيكون مشتركا بين حركة حماس وحزب الله، فإن الحزب لديه حسابات خاصة في موضوع الردّ، لأن العاروري كان بضيافته ولأن اغتياله تم في الضاحية الجنوبية، وأيضا لأنه يعتبر هذا الاغتيال ضربة غير مباشرة له، وغير هذه الحسابات المستقلة للحزب، هناك حسابات مشتركة بينه وبين حماس والتي تحتم نوعا من التنسيق بين الطرفين لصياغة الردّ".

وكشق خلف عن أنّ "حماس ايضا تحضر لردّ ما، لكن حاليا لديها معركة كبيرة في غزة، إنما الرد على هذه الجريمة سيكون إما من لبنان كما رأينا استهداف الموقع الاستراتيجي في ميرون أو عن طريق عمليات في الضفة الغربية والقدس أو 48، تقوم فيها الخلايا التي أسسها صالح العاروري في الضفة".

واعتبر أن "العاروري ترك فراغا كبيرا لأنه كان قياديا رفيعا وكان يتميز بقدرات شخصية وذاتية تتفوق على الكثير من القيادات الميدانية، وهو كان لديه ميزة بأنه قائد عسكري وقائد سياسي في نفس الوقت ويعرف الإسرائيليين جيدا، وخلال الفترة الماضية استطاع عبر خبرته الذاتية وقدراته تطوير العمل المقاوم خاصة في الضفة الغربية، وشارك في هندسة طوفان الأقصى، وبذلك فهو خسارة لحماس وللمقاومة".

ولفت خلف الى أنّ "في تنظيم حركة حماس والتنظيمات الإسلامية عموما ومنها حركة الجهاد وحزب الله، فإن البنية التنظيمية والعسكرية فيها تتشكل بطريقة أن لا يتأثر التنظيم باغتيال القادة الكبار، فتركيبة التنظيم تعيد ترميم نفسها مباشرة ولا تعتمد على شخص، والدليل أن حزب الله اغتيل أمناؤه العامين، ورأيناه بعد اغتيال السيد عباس الموسوي والشيخ راغب حرب أصبح أقوى بقيادة السيد حسن نصرالله، وفي حركة حماس اغتيل الشيخ أحمد ياسين وعبد العزيز الرنتيسي وعدد من القادة، وبقي التنظيم وازداد قوة، وفي حركة الجهاد الإسلامي اغتيل أمينها العام فتحي الشقاقي، وتوفي أمينها العام رمضان عبدالله شلح واليوم زياد النخالة استطاع أن ينقل التنظيم الى مرحلة أخرى، حيث أصبحت حركه الجهاد اكثر خطورة على "إسرائيل" من أيام الأمناء العامين السابقين، وبالتالي فإن اغتيال العاروري سيترك فراغا في القيادة في حماس لكنه لن يؤثر على سير العمليات في غزة، ولا على بناء التنظيم في الضفة"، مشدّدا على أنّ "هناك قادة آخرين سوف يستلمون القيادة بعده ويحاولون أن يثبتوا أنهم قادرين على الاستمرار بما رسمه العاروري".

وأشار خلف إلى أن "ردّ الحزب السريع فهو لأن الظرف السياسي والعسكري الحالي في حالة حرب، وعلى جبهات متعددة، فلا يوجد ضوابط وقف نار أو ضوابط أخرى على الحدود والجبهات مفتوحة بشكل كامل، إن كان في لبنان او اليمن او العراق او سوريا او في غزة، وطبيعة المعركة والبيئة السياسية والعسكرية لعبت دورا في ان يكون ردا سريعا"، لافتا الى أنّ "المعركة مفتوحة الآن ولا تستوجب التفكير في تداعيات وضوابط الرد، فالظرف السياسي والعسكري كان متهيئا لرد سريع على "إسرائيل" لأن قواعد الإشتباك وضوابط الحدود التي كانت موجوده قبل 7 اكتوبر أو 8 اكتوبر بالنسبة لجبهة جنوب لبنان تغيرت وانهارت، وكان مفتوحا للحزب أن يضرب هدفه مباشرة من دون أن يخشى الحسابات السياسية والإقليمية".

نقطة مهمة جدا حملها خطاب السيد حسن نصر الله الأخير، حيث كان جميع المراقبين ينتظرون جملة الرّد على اغتيال العاروري في الخطاب، فهو وضع شروط التسوية وشروط المستقبل للمنطقة وليس فقط لغزة، وهي مسألة بحسب خلف، تعتبر أهم على المستوى الاستراتيجي، حيث قال السيّد نصرالله أنه من بركات هذا الوقوف مع غزة وفتح هذه الجبهات للأطراف المقاومة، أصبحنا أمام فرصة تاريخية لتحقيق انجازات وطنية، وهذه الانجازات الوطنية فسرها في "انسحاب الجيش الإسرائيلي من مزارع شبعة وتلال كفرشوبا والجزء اللبناني من الغجر، وانسحاب القوات الأميركية من العراق ولاحقا من سوريا، والإعتراف باليمن كقوة إقليمية وشريكة في أمن البحر الأحمر، وانسحاب الإسرائيليين من غزة وتشكيل حكومة وطنية تحمي انجازات المقاومة فيها وفي الضفة كوحدة جغرافية".

وقال: "هذا يعني ان ما تكلم به السيد نصرالله اعطانا دليلا ومؤشرا على ما سيحدث بالكواليس، ولا ننسى انه كان هناك تصريح مهم للسفير الإيراني في سوريا قال فيه انه وصلهم منذ 10 ايام رسالة من الأميركيين تعرض في مضمونها تسوية للمنطقة برمتها، فربما كان الامين العام لحزب الله يتحدث عن هذا الموضوع بخطابه، وبعدها طرح موضوع ان (الجهاد عز والقاعدون عن الجهاد في ذل)، بمعنى القول انهم سوف يحققون اهدافا ومكاسب لأن كان لديهم الجرأة على الجهاد واتخذوا قرار المواجهة، وأنا برأيي فإن هذه الجزئية من الخطاب كانت مهمّة جدا، لأنّها هي شكل الإقليم والمعركة المقبلة الدبلوماسية في التفاوض عمّا سوف يجري، وما قاله السيد نصر الله اذا تحقق في الواقع فهذا يعني تغيير شامل في منطقة الشرق الاوسط وتغيير كامل في الاقليم وظهور موازين قوى جديدة ومراكز قرار ومراكز تأثير جديدة، أي اننا دخلنا الى مرحلة مختلفة عن كل تاريخ الصراع مع اسرائيل منذ 75 عاما".

وأردف خلف قائلا: "هذا لا يعتبر فقط نصر للمقاومة، بل تغيير للبيئة السياسية بناء على انجازات المقاومة، اذا كانت فعلا الإدارة الأميركية تتصل بمحور المقاومة وتقول له تعال لنقوم بتسوية قائمة على انسحاب الأميركيين من سوريا والعراق وترسيم الحدود مع لبنان، وهذا ليس ما يفكر فيه الأميركيون وحدهم بل الأوروبيون أيضا".

وتابع:" أعتقد شخصيا أن الأوروبيين جاؤوا والتقوا بحزب الله وقالوا له بأنهم يتبنون الرسالة الأميركية وسوف يدعمونها وجاهزون لكي يكونوا مساعدين لتحقيق هذه التسوية، وكان رد النائب محمد رعد في الإعلام بأن الحزب جاهز وليس لديه مشكلة لكنه لن يناقش أي ملف إلا بعد وقف الحرب على غزة، وبذلك وضعوه كشرط لبحث الملفات، وهذا لا يعتبر فقط انتصار للمقاومة بل ان هذا المسار الذاهبون إليه هو تحول استراتيجي في المنطقة، يعترف بنتائج سلسلة معارك وصراع كامل وبيئة سياسية مختلفة تماما عما كنا نعرفها سابقا".

ووجد خلف من منطلق آخر أن هذه الإقتراحات الأميركية والأوروبية هي انقاذ لـ"إسرائيل"، فهم أولا يفكرون بـ"إسرائيل" وليس بأي طرف آخر، وإن الواقع الإسرائيلي اليوم هو انقسام داخلي حاد جدا ووصل الى مرحلة من الاتهامات الخطيرة، ومع العلم ان الخلافات الإسرائيلية موجودة دائما داخل الحكومة الإسرائيلية لكن اليوم في "إسرائيل" المسألة ليست مسألة تراجع حزب الليكود وتقدم حزب بناء الدولة أو حزب الدولة برئاسة بيني غانتس في الإنتخابات الإسرائيلية المقبلة، بل أصبحت تتعلق بمصير أشخاص وقادة، فاليوم ليس حزب الليكود سوف يتراجع بل نتنياهو نفسه سوف يؤخذ الى السجن، ولا الأحزاب الليبرالية سوف تتراجع شعبيتها أو تتقدم بل ان هوية "إسرائيل" هي الثمن، وهي التي تصنف نفسها كدولة ليبرالية وامتداد للغرب، فان جماعة نتنياهو من سموتريتش وبن غفير وغيرهما يريدون تغيير الهوية الإسرائيلية هذه ويصنعون هوية يهودية عنصرية كاملة، وحتى هذا القناع بأنهم جزء من العالم الغربي والليبرالية الغربية، فالمتطرفين يريدون ازالته وبذلك فإن الصراع داخل "إسرائيل" شكله مختلف عن كل الصراعات الإسرائيلية السابقة ويأخذ طابعا مصيريا.

وأضاف: "على المقلب الآخر ليس هناك أي هدف تحقق في غزة حتى هذه اللحظة رغم ما دفعته "إسرائيل" من تكاليف وخسائر في الأرواح والعتاد والإقتصاد والإستنفار الإجتماعي بتهجير سكان غلاف غزة وسكان الشمال، وإن ما فعله الإسرائيليون في غزة هو فقط الدمار والتدمير وهذا يتعلق بالنقطة الثالثة وهي الجانب القانوني بمحاسبه "إسرائيل" في محكمة لاهاي، وفي هذه المحكمة فإن الجزء الخاص بالإبادة الجماعية تختلف فيه عن كل المحاكم الدولية الأخرى لأنها تأخذ قراراتها بسرعة وبغضون أسابيع أو أيام قليلة وليس سنوات، وبذلك تحسم إدانة "إسرائيل" سريعا وتصدر قرارا ملزما بوقف الحرب على غزة وتحويل قادة الحرب الى المحاكمة، فإذا اتخذ هذا القرار يوم الخميس المقبل في محكمة لاهاي سوف يتحول إلى مجلس الأمن، وهنا لا تستطيع الإدارة الأميركية رفع الفيتو في وجه قرار لأعلى سلطة قضائية في العالم أمام 14 من أشهر القضاة وهم يمثلون العالم كله، وإن الملف قوي جدا لدرجة أن الإسرائيليين غير قادرين على مواجهته في المحكمة".

وكشف خلف معلومة لأول مرة أن "جنوب افريقيا تقدمت بملف لمحكمة لاهاي لكن الملف يتحضر في تركيا، وإن كل الأدلة الجنائية وكل تصريحات قادة "إسرائيل" بالإبادة وكل التفاصيل موجودة في هذا الملف القانوني حسب ما علمت"، وهذا يفسر زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى تركيا حيث ان المكان الأول الذي وصل إليه في جولته للمنطقة هو اسطنبول لبحث الملف، وفي نفس اليوم أجرى اتصالا مع وزير الخارجية الجزائري لأن الجزائر ايضا سوف تنضم الى جنوب افريقيا في الدعوة المقدمة ضد "إسرائيل".

وأضاف خلف أنه "اذا اردنا جمع كل الجوانب من الناحية القانونية ومن ناحيه الأهداف العسكرية غير المحققة في غزة والإنقسام الداخلي في الكيان الإسرائيلي والإقتصاد الإسرائيلي المنهار تماما ومعهم أزمة الذخائر التي تحدثت عنها معكم في حلقة سابقة ولم يكن حينها تكلم أحد عن هذا الموضوع ومن بعدها نشرت تقارير دولية عن أن "إسرائيل" تعاني من أزمة ذخائر، والولايات المتحدة الأميركية لا تملك ذخائر كافية لتدعم بها "إسرائيل" بسبب حرب أوكرانيا واستهلاك مخازن الذخائر الاستراتيجية في دول أوروبا الشرقية، بالتالي فإننا أمام مشهد حالي في الكيان الإسرائيلي صعب جدا، والإدارات الأميركية والأوروبية سوف تعمل على انقاذ "إسرائيل" من نفسها، فبناء على نتائج المعركة يحاولون أن يضعوا بديلا يكون دبلوماسيا أو ابرام صفقة سياسية أو تسوية تنقذ "إسرائيل" مما هي فيه".

وحذّر خلف محور المقاومة وقواه من أنه اذا طرحت هذه التسوية الشاملة عليهم، وفيها الكثير من الإغراءات والمكاسب لهم، فليحذروا من أن تذهب الولايات المتحدة الأميركية نحو مفاوضات طويلة حول هذه المكاسب، ومن خلال طول مدة المفاوضات تجر أطراف المقاومة إلى سنوات من التفاوض، تكون فيها "إسرائيل" قادرة على ترميم نفسها إقتصاديا وعسكريا والى آخره، فإذا كان ثمة تنازلات أميركية بناء على نتائج المعركة في غزة، يجب أن تكون هذه التنازلات سريعة وواضحة ولا تحتاج إلى سنوات أو تفاوض طويل الأمد، بل يكون التفاوض في أن يقول محور المقاومة للأميركيين، أنتم تنسحبون من العراق وسوريا وينسحب الإسرائيليون من مزارع شبعا وتلال كفرشوبة والجزء اللبناني من الغجر وتحدث ترتيبات لغزة وترتيبات للبحر الأحمر مع إعتراف كامل بحكومة صنعاء كقوة دولية إقليمية في البحر الأحمر وتكون كلها سريعة.

وختم: "على خلاف ذلك فإن كل ما يقوله الإسرائيليون والقادة عندهم عن تحقيق أهداف لهم هو فقط محاولة لإنكار الواقع وإخفاء حالة الضعف التي وصلت إليها "إسرائيل" نتيجة الحرب في غزة".

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا