محمد عبد الرحمن-LebanonOn
على وقع الاستهدافات التي تتعرض لها القواعد الاميركية في سوريا والعراق وخصوصاً بعد عملية طوفان الاقصى، نشرت مجلة "فورين بوليسي" الاميركية تسريبات متقاطعة تحدّثت عن انسحاب وشيك للقوات الأميركية من سوريا، وهذا ما جرى مناقشته في خلال اجتماع لـ"مجلس الأمن القومي" في البيت الأبيض، في الثامن عشر من الشهر الحالي، وشددت هذه التسريبات على أن واشنطن ترى أن وجودها في سوريا لم يعد ضرورياً وتبحث بشكل مكثف توقيت الانسحاب، لان التوترات والأعمال العدائية أصبحت في ذروتها في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، وهذا ما ينذر بظهور أزمة إقليمية معقدة، وهذا ما ينبغي أن يعيد إدارة الرئيس الاميركي جو بايدن الى النظر في أولوياتها العسكرية في المنطقة.
في هذا الاطار، إعتقد الصحافي والباحث السياسي توفيق شومان في حديث لـ LebanonOn أن "هذه المسألة مرتبطة بالنقاش الاميركي الذي يحصل في العراق وطلب الحكومة العراقية مناقشة الوجود الاميركي على أراضيها، ولا شك أن موضوع التواجد الاميركي في سوريا والعراق مرتبطان ببعضهما البعض وبالتالي طالما بدأ الحديث الاميركي بخروج قواتهم من سوريا والعراق، فان هذه الاحاديث التي يتم مناقشتها في الادارة الاميركية والتسريبات عبر وسائل اعلام اميركية، ما هي الا تمهيد للرأي العام الاميركي لبحث هذا الامر بشكل علني على الطاولة وتحويله من أمر داخلي الى موقف عملي وجدي على أرض الواقع".
وأضاف: "لا أريد أن أؤكد أن هذا الامر حقيقي في هذا الوقت، ولكن مجرد النقاش داخل الاروقة الاميركية المغلقة فنكون قد دخلنا بمنعطف، وأربط هذه الاحاديث بالمجريات والوقائع التي تحدث في المنطقة لا سيّما المتعلقة باستهدافات القواعد الاميركية في سوريا والعراق".
وأشار شومان الى ان "الادارة الاميركية أصبحت على يقين بان قواتها وقواعدها في خطر في سوريا والعراق، بظل الصراعات الدائرة في المنطقة، وخصوصاً بعد عملية طوفان الاقصى في 7 تشرين الاول في غزة، والاستهدفات التي تتعرض لها القواعد الاميركية، من هنا فان الادارة الاميركية يطرأ عليها البحث في مصير قواتها في المنطقة، والعمل على عدم الانخراط الميداني فيها، وهذا مرتبط بما يجري من عدوان اسرائيلي على غزة وحرب الاستنذاف في جنوب لبنان"، لافتاً الى أنه "من المعروف ان مجلة فورين بوليسي على علاقة ممتازة بالبيت الابيض ومع الكونغرس الاميركي كي يتم تسريب هذه المعلومات من خلالها".
ورأى توفيق شومان ان "ظهور تنظيم الدولة الاسلامية داعش من جديد في المنطقة على اثر هذا الانسحاب في حال تم فعلياً أمر غير مستبعد، فان الاميركيين سيعملون من أجل ايجاد قوى تحارب عنهم بالوكالة من دون أن تكون في الواجهة، ومن المعروف الاختراقات الاميركية في تنظيم "داعش"، ولاحظنا في الفترة الاخيرة عدة عمليات تبنتها الاخيرة، مشدداً على انهم سيستعينون بتنظيم آخر في سوريا والعراق، من الممكن أن يكون "داعش" او غير "داعش" تحت مسمى جديد بمساعدة الاخير بخبرته الامنية والعسكرية والاستخبارية التي يتمتع بها".
أما عن الحليف الاميركي في شمال سوريا والعراق أي الطرف الكردي، قال شومان ان "الادارة الاميركية تدرك هذا الموضوع منذ ولاية الرئيس الاميركي السابق دونالد ترامب الذي طرح هذا الموضوع وتمت تسوية الامر بابقاء 900 ضابط وجندي أميركي في سوريا، معتقداً ان "الادارة الاميركية تبحث عن مصلحتها أولاً لان الاميركيين براغماتيين، فعندما يرون قواتهم تستهدف بشكل شبه يومي فعندها سيعملون من أجل مصلحتهم استراتيجياً، وبالتالي فان الانسحاب أسهل لهم من تكبد الخسائر على أثر هذه الاستهدافات التي تحصل".
وختم حديثه أن "لدى حلفاء أميركا خشية كبيرة من هذا الانسحاب، وخصوصاً عندما طرح بشكل جدي الانسحاب الاميركي قبل سنوات من سوريا، لاحظنا مواقف سلبية لتنظيم "قسد" الذي قال مسؤولوه "أن الاميركيين يتركوننا وحدنا"، ولكن اليوم لن يعير الاميركيون هذا الامر أي اهتمام طالما في حال اقتضت مصلحتهم بالانسحاب من سوريا والعراق، وبالتالي على الحلفاء أن يتدبروا أمرهم وحدهم، وهذا معروف عن الاستراتيجيات الاميركية التاريخية منذ ان انخرطت الولايات المتحدة الاميركية بالصراعات العالمية".