بالتفاصيل – 3 سيناريوهات محتملة وراء "كارثة بيروت"... من فجّر المرفأ؟

خاص ON | مارون يمّين | Monday, August 17, 2020 9:16:00 AM

مارون يمّين

قرابة الاسبوعين مضيا على الانفجار الكارثة الذي ضرب مرفأ بيروت وضواحيها، والذي خلّف قرابة الـ200 شهيد واكثر من 6 آلاف جريح، اضافة الى مئات الآلاف من المشردين الذين بقيوا من دون سقف يأويهم في ظلّ هذه الفترة العصيبة التي يمرّ بها لبنان.

أسئلة كثيرة يطرحها الشعب اللبناني امام هول هذه الفاجعة، والتي لا تزال الاجوبة عنها مجهولة وضبابية: من فجّر المرفأ؟ هل تعرّضت بيروت الى هجوم ارهابي؟ هل ضربت اسرائيل اهم المراكز الحيوية في لبنان؟ لماذا الآن انفجرت نيترات الأمونيوم؟ من المسؤول؟ ومن يحاسب؟

بعد الساعات الاولى من وقوع الانفجار، خرجت تصريحات لعديد من الخبراء تؤكّد انّه لا يمكن لنيترات الامونيوم ان تشتعل من دون صاعق، او "محفّز حراري". ليس هذه النقطة وحسب، فالبعض ذهب ابعد من ذلك، واشار الى شكل الانفجار الذي احدث فقاعة على هيئة غيمة بيضاء ضخمة تشبه الفطر، يعيد الى الاذهان تلك التي نتجت عن انفجار مماثل في سوريا منذ 7 اشهر. وعلّل بعض الخبراء هذا الأمر، الى تعرّض العنبر 12 الى صاروخ مزوّد برأس نووي تكتيكي في اطار التحدث عن سلاح اسرائيلي جديد، استخدم للمرة الاولى لإستهداف احد المواقع السورية في كانون الثاني الفائت.

من هنا، وبعيدا عن العمل التي يتولاه القضاء مع عدد من الجهات الدولية في التحقيق بهذا الملفّ الخطير، نعرض فيما يلي سلسلة سيناريوهات يمكن ان تكون في خلفية هذا الانفجار، وهي تبقى طبعا ضمن اطار التحليلات والفرضيات.

 

ضربة اسرائيلية على الأسلحة المزعومة لحزب الله في المرفأ

لا يمكن لأحد ان ينسى الشرح المستفيض الذي قدّمه رئيس حكومة الكيان الاسرائيلي بنيامين نتانياهو  لمجموعة من الخرائط التي تظهر مواقع تابعة لحزب الله، تضمّ اعدادا من الصواريخ والمواد المتفجرة التي تدخل في صناعة الاسلحة وغيرها، وذلك في اطار عرض "صفقة القرن". لذلك، لا يُستبعد توجيه أصابع الاتهام الى اسرائيل في الوقوف خلف هذا الانفجار.

وما يدعم هذا السيناريو، ما اورده الصحافي والناشط السياسي الفرنسي تييري ميسان، في احدث تقاريره الصحفية عن انّ اسرائيل قد ضربت مستودع أسلحة للحزب في مرفأ بيروت وسبّب هذه الكارثة الانسانية. أضف الى ذلك، التصريح اللبناني والرسمي الاول الذي اتى على لسان وزير الداخلية الأسبق النائب نهاد المشنوق، الذي اكّد انّ إنفجار بيروت هو عملية قامت بها إسرائيل بشكل واضح وصريح، مستندا الى اتصالات، وقراءات لم يكشف عنها في تصريحه.

وما يزيد من احتمالية هذه الفرضية، هو الانقسام الداخلي حول مطلب التحقيق الدولي، والتلكّؤ في سير التحقيقات القضائية المحلية، ما يعكس اتهامات المعارضة اللبنانية لحزب الله وبالرغم من نفيه، بأن أسلحته في المرفأ هي التي تسبّبت بالكارثة من دون الاشارة الى ما اذا كانت اسرائيل هي "المحفز الحراري"، أم لا.

 

هل انتقلت اسرائيل من الحرب النفسية الى حرب من نوع آخر؟

اذا سلّمنا جدلا بأن حزب الله فعلا لا يملك مخازن اسلحة وصواريخ في مرفأ بيروت، هل يبعد هذا الامر الشبهات عن اسرائيل؟

دائما ما تتفاخر اسرائيل بإمتلاكها عناصر قوة تتقدم فيها في الحروب النفسية التي تخوضها مع حزب الله على مدار السنوات. ودائما ما كانت مقولة "إعادة لبنان الى العصر الحجري عبر ضرب بنيته التحتية"، عنصرا بارزا ومتكررا في تهديدها ووعيدها. لكن، ماذا لو خرج هذا العنصر من إطار "التهديد" الى إطار الفعل على أرض الواقع؟ وهل يوجد اهمّ من مرفأ بيروت يملكه لبنان في بنيته التحتية المهترئة لضربه؟ لكن يبقى السؤال: "لماذا الآن"؟

نعلم جيّدا، ان اسرائيل تسعى جاهدة لكبح جماح "التوسّع الفارسي" في المنطقة، والمتمثّل بإيران والنظام السوري وحزب الله. فتارة تقصف مواقع في سوريا، وتارة اخرى تحاول استدراج الحزب الى حرب في الجنوب تحضّر لها على قدم وساق منذ فترة بعيدة. الى ذلك، يمكن توظيف الضربة الاسرائيلية على المرفأ في حال التأكّد من صحتّها، ضمن إطار قطع الطريق عن الحزب في معاملاته مع ايران وسوريا، خصوصا بعد الحديث عن سيطرة لحزب الله على المرفأ، ووجود عدد من الأنفاق تسهّل عمليات التهريب. وانطلاقا من ذلك، يمكننا ان نفهم امكانية تفعيل اسرائيل أذرعها في وسائل الإعلام الدولية للتستر على جريمتها، ووضعها في مقام الدول التي تريد المساعدة وتقديم العون الى الشعب اللبناني.

ويمكننا ان نستخلص من هذا السيناريو، انّ اخراج حزب الله من المرفأ بمثل هذه الضربة، يضع الاخير تحت وطأة "الوصاية الدولية" بحجة اعادة الاعمار، وهذا ما يحصل فعلا الآن من منافسة شرسة ولو لم تكن علنية بما فيه الكفاية، حول من يريد استلام هذا الملف.

 

هل يستثمر الأمر في السياسة؟

يسأل كثيرون عن سبب ترك نيترات الامونيوم 7 سنوات من دون اي حسيب او رقيب، لطالما انها تشكل خطرا داهما على المرفأ والعاصمة على حدّ سواء. فهل فعلا كانت التقارير التي رفعتها الجهات المسؤولة عن امن المرفأ الى السلطات اللبنانية تحمل صفة "العجلة"؟ وهل فعلا كان العنبر 12 بما يحتويه، مهملا ويشكّل خطرا كبيرا؟

يرى مراقبون انّ انفجار المرفأ ما هو الا ضربة لما تبقى من عهد الرئيس ميشال عون، وتطويق لسياسة حزب الله في المنطقة. وما يثير الريبة حول هذه الفرضية، هو حركة التقارير المكوكية التي رفعتها الجهات الامنية في اواخر شهر تموز الماضي الى الرئيسين عون ودياب. فهل كان يعلم ايّ جهاز امني في المرفأ عن اي عملية كانت تحضر لإستهداف المرفأ؟ وهل هو ضرب من الصدفة ان تنفجر نيترات الأمونيوم بعد اقل من 10 ايام على وصول تقرير لعون بخصوصها؟

وفي سياق متّصل، يشهد لبنان حركة دولية على ارضه، لم يشهد لها من قبل اقلّه في الـ20 سنة الاخيرة. وتتمثّل هذه الحركة بمشاركة 4 جهات دولية في التحقيقات المحلية (تركيا، فرنسا، اميركا وروسيا)، من دون السماح لسوريا مثلا بالمشاركة وهي التي ذهب لها اكثر من 50 ضحية في انفجار المرفأ وقرابة الـ1000 جريح. اضف الى ذلك، حضور السفن الحربية سواء "تونير" الفرنسية، او "انتربرايز" البريطانية، وحضور عشرات الديبلوماسيين من مختلف انحاء العالم في محاولة اشبه "بتحاصص المرفأ" وإبعاد حزب الله عنه في محاولة للتضييق عليه.

 

انظروا الى المستفيد على المدى البعيد

وليس بعيدا عن السيناريوهات التي تحاول الوصول الى طرف خيط في لعبة المسؤوليات، يذهب البعض الى الاحالة الى المستفيد على المدى البعيد من الانفجار المهول. وبذلك تبقى الجهات الداخلية حتّى غير بعيدة عن الضلوع في عملية التفجير لاستثمار انهيار لبنان الكامل في اللعبة الأممية.. بمعنى أن لبنان بات هشّا مقابل أطراف داخلية تبحث منذ سنوات عن طريقة لاستثمار فائض قواتها في مكاسب داخلية. وفي هذا أيضا سيناريو محتملا.

 

من يتحمّل المسؤولية اذاً؟

لكن مهما تعدّدت الاسباب والفرضيات، يبقى الموت واحدا، والكارثة واحدة. وتبقى الحقيقة المشتركة في ما تقدمنا بشرحه اعلاه، هي فساد السلطة وسوء الادارة والاهمال ليس فقط في المرفأ. فمن اعطى "ورقة رابحة" لأي جهة من اجل تفجير المرفأ هو مسؤول ومجرم بقدر الفاعل، وربما اكثر بما انّه "منّا وفينا". وفيما عيون اللبنانيين عامة، وذوي الضحايا والمتضررين خاصة شاخصة نحو التحقيقات القضائية، نتمنّى على كل من استلم هذا الملفّ ان يتسلّح بالحقيقة والضمير لأنهما وحدهما يخلّصان لبنان في هذه المرحلة التي تشهد تصعيدا غير مسبوق، ولأنّ فخّ "القضاء والقدر" لم يعد ممكنا لا في قانون المحاسبة، ولا في قانون الإنسانية.

 

 

 

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا