كميات كبيرة من نترات الأمونيوم لا تزال موجودة في لبنان... وسهام الاتهام موجهة نحو حزب الله!

خاص ON | مارون يمّين | Saturday, August 22, 2020 10:48:00 AM

لا تزال الشبهات تحوم حول حزب الله وعلاقته بنترات الامونيوم التي سبّبت الانفجار الذي رمّد مرفأ بيروت في واحد من اسوأ الكوارث التي شهدتها العاصمة في التاريخ. وبالرغم من النفي الذي اعلنه امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله، ومطالبته "عالية النبرة" بتحقيق شفاف يحاسب كل متورّط بهذه الفاجعة، لا تزال التقارير الدولية التي تُنشر بين حين وآخر تتّهم الحزب بتسبيب هذه الكارثة، محاولة كشف كل الخيوط التي تدينه، والتي تثبت علاقته بالمواد التي رست 6 سنوات في المرفأ.
فقد كشف مؤخرا، تحقيق أجرته صحيفة دير شبيغل الألمانية بالتعاون مع مؤسسة مكافحة الجريمة المنظمة والفساد، أن مالك سفينة "روسوس" الحقيقي هو رجل الأعمال القبرصي شارالمبوس مانولي والذي كانت لديه صلات ببنكFBME التنزاني. وكشف التحقيق الالماني ان هذا المصرف ارتبط اسمه بعمليات غسل أموال، حين اتهمه محققون أميركيون بالعمل كواجهة من أجل غسل أموال لحزب الله وللنظام السوري ولأطراف على علاقة ببرنامج الأسلحة الكيمياوية في سوريا.
وفيما الحقيقة متأرجحة بين نفي قاطع من جهة الحزب، وبين خيوط جديدة تتوضّح مع الوقت من جهة التقارير الدولية، سأل موقع LebanonOn المحاضر بقسم الدراسات العليا في مادة "العدالة الدولية"، ورئيس قسم القانون الدولي في الجامعة اللبنانية الكندية، الدكتور انطوان سعد عن قدرة التحقيق المحلّي في كشف الحقيقة وراء انفجار مرفأ بيروت وعن اهمية الدور الذي قد تلعبه اي جهة دولية مشاركة في التحقيق.


70 الى 80% من كمية نترات الأمونيوم لا تزال موجودة في لبنان
بداية اشار سعد انطلاقا من آراء عدد من الخبراء الى انّ "الكمية التي انفجرت في المرفأ تبلغ حوالي الـ400 طن من نترات الأمونيوم، ايّ انّ 70 الى 80% من الكمية لا تزال موجودة في لبنان"، لافتا ومن باب اطلاعه على العديد من التقارير القانونية والاعلامية الى انّ "اليرزة والفياضية من ضمن المناطق التي تحتوي على كميات من هذه المواد"، والى انّ "الموضوع وصل الى استقالة عدد من اعضاء بلدية بعبدا ما يثبت انّ الوضع جدي وليس مجرّد كلام او مزحة".
وبالفعل تقدّم أعضاء المجلس البلدي بعبدا - اللويزة بكتاب إلى وزير الداخلية والبلديات وقيادة الجيش، يتضمن "مخاوف المجلس وأهالي المنطقة من انفجار يقع قرب مستشفى السان شارل بعد معلومات عن وجود أسلحة وصواريخ لحزب الله مخزنة في نطاق منطقتهم"، الى انّ أقدم 12 عضوا على تقديم استقالة جماعية في وقت يتألف المجلس من 15 عضوا فقط.
ووصف سعد بيان قيادة الجيش الذي صدر اثر تداول هذه المعلومات بـ"التطميني"، مؤكّدا انّ "الحقيقة لا يملكها احد حتى الساعة بنسبة 100%". وتحدّث سعد ايضا عن "مخازن اخرى على تخوم منطقة الشويفات والمساحة الجغرافية الجنوبية لمطار بيروت" مستندا الى معطيات اكّدها العديد من الخبراء.


"ما قامت به السلطة في لبنان ابادة جماعية"
وعن قدرة التحقيق المحلي كشف الحقيقة وراء انفجار المرفأ، اكّد سعد انّ "القضاء في لبنان لطالما كان مسيسا، ويخضع للتغيرات والتجاذبات السياسية، حتّى انّ تعيين المحقق العدلي القاضي فادي صوان جاء بموافقة سياسية". ورأى انّ "صوان قاضي ممتاز" متأملا بأن لا يخضع لمصالح السياسيين.
وشدّد سعد في سياق حديثه على انّ "المسؤولية ليست مسألة موظفين اداريين او امنيين وليست محصورة محليا، فهي تكمن في علاقة الدولة مع الاسرة الدولية في ظل الاتفاقيتين الموقعتين بينهما". وافاد بأنّ "الاتفاقية الاولى الموقعة عام 1964، لا تسمح للبنان بتخزين او استخدام او تطوير ايّ مواد كيمياوية على ارضه، وكذلك تلك الموقعة عام 1974 التي تمنع لبنان من تطوير او استخدام او حتى نقل ايّ مواد بيولوجية وبكترولوجية".
واضاف: "بمجرّد تخزين هذه المواد في مرفأ لبنان هناك مسؤولية دولية تقع على عاتق السلطة، ويجب ان تحاسب عليها".
واعتبر سعد انّ "ما قامت به السلطة في لبنان هو بمثابة ابادة جماعية ويترتّب عليها مسؤولية اتجاه شعبها، وفقا لنظام روما للمحكمة الجنائية الدولية وهي التي تشكّل فرعا في معالجة القضايا المتعلقة بالجريمة الانسانية".


المخاصمة الدولية للبنان غير ممكنة حاليا
ويرى سعد انّ "المخاصمة الدولية للبنان غير ممكنة حاليا بسبب الانقسام الحاصل على مستوى الأعضاء دائمي العضوية في مجلس الأمن، فروسيا والصين تريدان حماية وتغطية ايران ولن تسمحا بإجراء تحقيق دولي". وسأل: "لماذا لم تضع السلطة اللبنانية الامم المتحدة امام خطورة هذا الوضع لو كان لديها حسن نية؟ لماذا لم تطلب الدولة تكليف وكالة الطاقة الدولية لتأتي وتنقل النترات وتلفها؟ ولماذا لا يقبل المسؤولون في لبنان بلجنة محققين سويسرية مثلا لطالما انها معروفة بحياديتها"؟
ويعتبر سعد في سياق حديثه، انّ "مهما كانت الرواية لكيفية وصول نترنات الامونيوم الى مرفأ بيروت، وحتى لو كانت قادمة لتصنيع اسلحة ومتفجرات لمحاربة اسرائيل، لا يحق للدولة اللبنانية اقتناء مثل هذه المواد في منطقة مقتظة بالسكان ويشكل فيها المرفأ الثقل الاقتصادي والمالي لكل لبنان".
وتمنى سعد في ختام حديثه ان "تشارك الـFBI والنيابة العامة الفرنسية بالتحقيق، لأن هناك عبث في موقع الجريمة، ناهيك عن التضليل والاخبار التي وردت عن توجّه باصات الى البقاع وبعلبك خلال الليل والتي لم يحدد نقطة انطلاقها ان كانت من المرفأ المنكوب او من الضاحية الجنوبية".

الاكيد انّ ملف انفجار مرفأ بيروت ليس بالقضية السهلة، وكلّما زادت خيوط الاتهمات كلما اصبحت المسألة "مشربكة" اكثر. فهل سترمى المسؤولية على موظفين دون سواهم كما جرت العادة؟ وهل ستبقى عبارة "دحرجة الرؤوس الكبيرة" حلما في وطن لم يعط "الحق" حقّه؟ لننتظر ونرى فـ"من شرب من ماء البحر لن يغصّ بالساقية".

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا