اعادة اعمار المرفأ تتطلب "عقلية وذهنيّة جديدة": مرفأ تجاري... ومرفأ بيروت مركزا سياحيّا؟

خاص ON | مارون يمّين | Friday, October 16, 2020 9:11:00 AM

لا تزال اعمال رفع الركام في مرفأ بيروت مستمرّة على قدم وساق مع اقترابنا من مرور 3 اشهر على الفاجعة في مرفأ العاصمة، التي خلّفت دمارا هائلا توقّف على اثره العمل في الكثير من أحواضه البحرية. واذ تسابقت دول العالم الى تقديم المعونة من اجل ازالة الردم الذي بلغ احجاما قياسية، دخل ملفّ "اعادة اعمار المرفأ" في سباق المعارك الدولية في منطقة شرق المتوسّط مؤخرا وكان ابزر ما تظهّر للعلن في هذا الاطار التراشق الفرنسي التركي.  

ويشكّل اليوم هذا الملف ضغطا اضافيا كونه دخل ايضا في شروط الاصلاحات المتوجبة على الدولة اللبنانية مقابل الحصول على الاموال من الخارج وبما فيها تلك المخصّصة لإعادة الاعمار. ولكن ما لم يسمعه احد من المواطنين هو كيفية اعادة بناء المرفأ المهدّم، فكان هناك عدد قليل من الشخصيات قد وضع الاستراتيجية الاقتصادية كأولوية مطلقة وشرط اساسي لإعادة الإعمار، ومن بين هؤلاء الوزير السابق فادي عبود الذي دعا الى اتّباع "عقلية وذهنية جديدة" لإتمام هذا الملف كما يجب. 

فما المقصود بالـ"عقلية الجديدة"؟ وما هي ركائزها؟ هل هي ممكنة في لبنان؟ وما العراقيل؟ 

نقل المرفأ من بيروت الى مناطق أخرى 

تواصل موقع LebanonOn مع الوزير عبّود الذي أعرب بداية عن أسفه الشديد كوننا لا نتعلّم من تجارب الآخرين، مشيرا الى انّنا "إذا اردنا اقامة مشروع لتوليد الكهرباء او مشروع آخر لمعالجة النفايات نبحث دائما عن نماذج تتلاءم والنموذج اللبناني القائم على المحاصصة والطائفية والزبائنية في حين انّ العالم بأسره مليء بالنماذج الناجحة والتي يمكن تطبيقها في لبنان، وهذا ما يحصل اليوم فيما خصّ اعادة اعمار المرفأ". 

وانطلاقا من نموذج مرافئ لندن وباريس وسيدني، بدأ عبّود شرح فكرته مبديا تعجّبه من أن يقام مرفأ تجاري على قطعة ارض ايجارها باهظ، وقال: "لا احد يقيم مرفأ تجاريا على قطعة ارض سعر المتر الواحد فيها بين الـ20 والـ30 ألف دولار، ومن يقوم بمثل هذه الخطوات يكون فكره الاقتصادي جدا محدود، ولا يفكر اقتصاديا بل مناطقيا وطائفيا. فالعقل والمنطق والدراسات في الـ2020 تقول ان ننقل المرفأ بشقه التجاري من العاصمة بيروت الى مناطق اخرى يكون فيها سعر متر الارض بين 200 او 500 دولار، بالاضافة الى تحريره من "خنقة" السير والتلوّث".  

وتابع عبّود: "يمكننا التوجه نحو عمشيت مثلا او سلعاتا او الشويفات، وبالرغم من انّ الموضوع سيُأخَذ عند البعض من النواحي الطائفية، الّا انّ الاهم هو اخراج المرفأ من العاصمة"، مشدّدا على انّ "نقل مرفأ بيروت بشقه التجاري الى منطقة اخرى يحتاج بالطبع الى دراسات لتحديد التكلفة وعمق البحر وكل العوامل الاخرى التي تدخل في خلق حلقة متكاملة لبناء المرفأ". 

مرفأ بيروت مركزا سياحيا دوليا لإستقبال ملايين السيّاح 

ماذا سيحصل عندها بمرفأ بيروت؟ رأى عبّود عبر موقع LebanonOn انّه "يمكننا تحويل مرفأ بيروت الى اجمل مرفأ سياحي في منطقة حوض المتوسط ليضاهي ايضا المرافئ الاوروبية، بحيث يصبح لديه قابلية كبيرة لاستقبال السفن الضخمة والكروز "Cruise Ship" التي هي بمثابة فنادق عائمة تنقل اقلّه 5 آلاف سائح واكثر على متنها"، مضيفا انّه "بالإمكان ايضا، استثمار الأرض - وهي بالمناسبة كبيرة جدا -من اجل بناء المجمّعات التجارية "Mall" والفنادق وسوق حرة مفتوحة وأماكن سكنية وشقق مفروشة، بالاضافة الى اجتذاب افضل مطابخ العالم الى المطاعم التي يمكن تشييدها ايضا ضمن هذه البقعة، الى جانب تخصيص مساحة لمواقف اليخوت". 

وقدّم عبوّد مرفأ الـAntibes في فرنسا ومرفأ بودورم الجديد في تركيا، كأفضل الأمثلة لمثل هذا النوع من المشاريع، لافتا الى انّ "قطاع الكروز اليوم هو في طليعة القطاعات السياحية المتطورة والناشطة، وهو يجتذب مئات الآلاف من السيّاح حول العالم وبالتالي انّ الفكرة التي اقترحها ستعطي دفعة للبنان كبيرة جدا على الصعيد السياحي وهو ابرز القطاعات المنشّطة للدورة الاقتصادية في لبنان، وستمكّنه من التواجد على الخارطة العالمية للسياحة". 

ليس كل مشروع خصخصة هو سرقة للمال 

هذا وأبدى عبّود خشيته من ان تبيع الدولة اللبنانية اصولها الى الدول الاجنبية من خلال الشركات التي تتهافت اليوم نحو لبنان بعد كارثة المرفأ، داعيا الى التخلّي عن "النظرية اليسارية المتزمتة والمتطرّفة بوجه الخصخصة". واعتبر انّ "كلّ المشاريع التي وضعت الدولة يدها عليها هي من افشل المشاريع في العالم، واكبر مثال على ذلك مستشفياتنا الحكومية ومدارسنا الرسمية"، مؤكّدا انّ "ليس كل مشروع خصخصة هو سرقة للمال او خطوة فاشلة كما يصوّره البعض، بل يجب ان نخطو خطوات مهمّة نحو هذا الاتجاه لا سيّما انّ اللبنانيين اليوم بحاجة الى استثمار اموالهم في مشاريع ناجحة على ارض وطنهم". 

دعوة الى بناء سكّة حديد نموذجية 

ولتكون فكرة مشروع المرفأ التي يطرحها عبوّد متكاملة، دعا ايضا الى بناء سكة حديد بحرية تصل شمال لبنان بجنوبه وبكل مدنه الرئيسية حيث يكون هذا الخطّ بعيدا عن الشاطئ اللبناني بمسافة 30 كلم تقريبا، بالاضافة الى استملاك "100 متر عرض" على طول هذا الخطّ لانشاء الاوتوسترادات والانفاق في المناطق الضرورية. وقال عبّود: "لا يجوز الابقاء على سكك الحديد الموجودة على طول الطريق البحرية الساحلية، فهي مهترئة ولا تصلح للاستخدام ولا ترقى الى تطلّعات الواقع الاقتصادي وقطاع المواصلات المتطوّر حتى لو جرى ترميمها، فهل يمكن لعاقل ان يدافع عن سكّة الحديد الموجودة اليوم في لبنان؟ 

وعن سؤاله يجيب عبّود: "يجب ان نفكر بعقل اقتصادي، وانطلاقا من الدراسات لا بدّ من معرفة ما هي سكّة الحديد التنافسية"، مشدّدا مرة اخرى على ضرورة أن نخرج من عقدة ان كلّ "خصخصة هي سرقة". 

ومن ضمن التهافت الدولي نحو لبنان، كان عرضا تركيا وآخر صينيا لإعادة اعمار المرفأ والاستثمار على مدار 20 او 25 سنة. وعن هذا الأمر، اكّد عبوّد انّه "ضدّ الاستثمار في الموقع الحالي لمرفأ بيروت، لكن في حال امكانية نقله الى منطقة اخرى فلا مانع ابدا ان نعطي الاستثمار لأي دولة تقدّمت بخطة مثالية من اجل ذلك، بشرط ان نحافظ على حصة الدولة من الارباح"، مشيرا في الوقت عينه الى انّ "مرفأ طرابلس كمرفأ تجاري قادرعلى تأمين الاكتفاء الذاتي للبنان".  

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا