تركيا تريد مقاعد سياسية في البرلمان اللبناني من خلال تنظيم التركمان؟

خاص ON | مارون يمّين | Tuesday, December 1, 2020 11:33:00 AM

مارون يميّن 

منذ اندلاع "حراك 17 تشرين" في العام فائت، وبدأ الحديث يتكاثر عن دور خفي للمخابرات التركية في التحركات التي حصلت في الشمال. واذ تشير معلومات صحفية متداولة مؤخرا الى أنّ أنقرة تسعى للإستثمار السياسي في الحاضنة السنّية في لبنان، وأنّ تركيا وجدت أنّ الساحة اللبنانية أصبحت خالية لتمدّدها انطلاقا من طرابلس شمالا، وصيدا جنوبا، وذلك مع تراجع الاهتمام السعودي بالتطورات السياسية اللبنانية. 

وما يزيد من يقين هذه المعلومات بالنسبة للبعض، هو الاعلان الصريح لوزير خارجية تركيا مولود جاويش اوغلو من بيروت في آب الماضي انّ الرئيس رجب طيب اردوغان قد اعلمه بضرورة اعطاء الجنسية التركية للذين يقولون "نحن أتراك"، "نحن تركمان"، ويعبّرون عن رغبتهم في ان يصبحوا مواطنين في تركيا. 

 فهل دعمت فعلا المخابرات التركية التحركات الاحتجاجية في الشمال؟ وما صحّة انّ تركيا تريد مقاعد سياسية في البرلمان اللبناني من خلال تنظيم التركمان تحت غطاء سياسي؟ وماذا عن أهمية لبنان بالنسبة لتركيا في البعد الاستراتيجي؟ 

تركيا لا تزال ضعيفة جدا في لبنان... 

هذه الاسئلة وغيرها، طرحها موقع LebanonOn على الباحث في الشؤون التركية جو حمّورة الذي اكّد انّ "الحديث عن سعي أنقرة للإستثمار السياسي في الحاضنة السنّية في لبنان، هو كلام يجري تضخيمه في الاعلام لغاية في نفس يعقوب". ويرى حمّورة، أنّ تركيا بالمقارنة مع قوة ايران والامارات والسعودية في لبنان، ضعيفة جدا، وليس لديها شعبية كبيرة، بالرغم من وجود عدد من التركمان في مناطق شمالية وعدد ضئيل في المناطق الاخرى تربطهم بتركيا علاقة قائمة على المشاعر الوجودية واعتبارها الدولة الانجح التي جمعت بين المحافظة على الاسلام والانفتاح. 

وبناء على هذا الواقع، يرى حمّورة أنّ "هذا الحديث بعيد جدا عن المنطق كون تركيا لا تزال ضعيفة في لبنان على عكس كل المبالغات التي ترد على مواقع التواصل الاجتماعي او وسائل الاعلام"، مشيرا الى انّ "الوجود التركي يقتصر على الاهتمام باللبنانيين من اصول تركية والمعروفين بالتركمان، بالاضافة الى تقديم مساعدات عينية ومادية لعدد من الجمعيات"، التي قال إنّ "عددا منها متحمس لدور تركي في لبنان اكثر من الدولة التركية نفسها". 

وعن رغبة تركيا باعطاء الجنسية التركية لـ"التركمان"، واستثمار هذا الأمر لفرض نفوذ تركي من نوع آخر في لبنان، يؤكّد حمّورة انّ "تركيا ليس لديها الرغبة بالدخول الى الساحة اللبنانية أو أن تلعب دورا مؤثرا في الحياة السياسية، انّما تجهد في دورها في الاهتمام بالتركمان الموجودين في لبنان او العراق او اي دولة اخرى من منطلق تحقيق المآرب الشخصية في حسابات تركيا السياسية الداخلية". وفي هذا الاطار، يقول حمّورة: "تركيا تقدّم نفسها كراعية للقومية التركمانية من اجل مكاسب داخلية لصالح جماعات قومية، لكي يستميلها حزب العدالة والتنمية والاستفادة منها في موضوع الانتخابات والبقاء على رأس السلطة". 

هل تسعى تركيا لمقاعد برلمانية في لبنان؟ 

منذ فترة كشف مسؤول العلاقات العامة في بلدية الكواشرة معقل التركمان في لبنان في حديث لـ"الحرّة" بأنّ هناك توجهاً لتنظيم التواجد التركماني في لبنان ضمن غطاء سياسي جامع، لتستطيع تركيا فيه الحصول على مقاعد في السياسة اللبنانية العامة. حول هذا الأمر، يقول حمّورة إنّ "قدرة التركمان في لبنان على تحصيل مقاعد نيابية جدا ضعيفة، حيث لا يتعدّى عددهم الـ0.3 % بالنسبة لسكان لبنان، وهم مبعثرين من حيث انتشارهم الجغرافي وبالتالي عددهم لا يشكّل اي قيمة انتخابية". ويتابع: "بالرغم من ذلك يمكن لتركيا ان تعمل على دعم الاحزاب الاسلامية (كالجماعة الاسلامية) من اجل الحصول على مقاعد نيابية في لبنان". 

تركيا لم تدعم التحركات في الشمال... ولكن 

ويشير حمّورة الى انّ "ليس لتركيا اي دور في التحركات الاحتجاجية التي حصلت في الشمال بالرغم من كل ما قيل في الاعلام، فهي لها بعد ثقافي واجتماعي من خلال المنح والمساعدات التي تقدّمها للطلاب اللبنانيين في عدة مناطق لبنانية، والمراهنة على هذه المداولات الاخبارية تنمّ عن عدم معرفة الواقع السياسي وعن عدم معرفة انتماء الافراد اللبنانيين من طائفة معينة الى طرف اقليمي معين، وهنا نتحدث عن النفوذ السعودي والاماراتي وحتى القطري والايراني". 

ويضيف: "الترويج لهذه النظرية تم من قبل طرفين، الطرف الأوّل هو الذي يرى بضرورة عودة النفوذ السعودي الى لبنان، لذلك لجأ الى ارسال رسالة الى الممكلة بأنّ تركيا قد تهدّد نفوذها في لبنان ما لم تعد نحوه. بالاضافة الى البعد الطائفي لهذه النظرية والمعلومات المتداولة عنها خصوصا عبر وسائل التواصل الاجتماعي وذلك بهدف تخويف المسيحيين في لبنان من الدور التركي لا سيّما في هذه الفترة التي زاد فيه الكره تجاه تركيا بعد الصراع مع أرمينيا". 

وكالة تيكا في لبنان... غطاء يمهّد لتدخل عسكري؟ 

وعمّا اذا كانت الوكالة التركية للتعاون والتنسيق غطاء للتواجد التركي من اجل التمهيد الى تواجد عسكري وسياسي على غرار ما حصل في ليبيا والصومال وسوريا، يلفت حمّورة الى انّ "عمل وكالة تيكا في لبنان بدأ منذ عام 2010، وبالتالي هو ليس بجديد ولم يظهر فجأة، كما انّ "نشاطها في لبنان ليس مرتبطا جغرافيا بمنطقة معيّنة". 

ويردف: "كل ما كانت ميزانية الوكالة مرتفعة، ستكون قادرة على رفع سمعة تركيا في المجتمعات التي تقدّم فيها هذه المساعدات، ولكن بالرغم من كل ذلك، فإن كمية الاموال التي تنفقها هذه الوكالة في لبنان لا تقارن ابدا بالمساعدات التي تقدّمها مثلا الدول الخليجية او الاتحاد الاوروبي في لبنان وبالتالي لا يمكن القول انّها تشكل غطاء تمهيديا لتواجد عسكري او سياسي لتركيا في لبنان". 

أهمية لبنان الاستراتيجية بالنسبة لتركيا 

يؤكّد حمّورة انّ "لبنان كدولة ساحلية كان يمثّل من خلال مرفأ بيروت الذي انفجر طريقا للتصدير التركي الى دول كالأردن والخليج العربي، كون هناك مشكلة كبيرة بين تركيا ومصر من جهة، وكذلك بين تركيا وسوريا من جهة اخرى، وبالتالي لبنان فقد هذا الدور بعد انفجار المرفأ، ومن هناك قد نفهم الاهتمام التركي الذي ظهر جليا عقب زيارة نائب الرئيس التركي الى لبنان". ويقول حمّورة في ختام حديثه انّه من الممكن ان يتحول هذا الاهتمام الى مرفأ طرابلس، لكن تبقى المشكلة بالنسبة اليه في أن تتّخذ الدولة اللبنانية القرار بتوسعة مرفأ عاصمة الشمال واعادة تأهيله من جديد، حيث من الممكن جدا ان نرى تركيا تقوم بهذا الدور في حال فوّضتها الدولة اللبنانية بذلك. 

 

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا