المبادرة الإلمانية لاعادة بناء مرفأ بيروت: أين دراسة الجدوى وماذا لو تم بناء المرفأ خارج العاصمة؟

خاص ON | مارون يمّين | Thursday, April 8, 2021 10:47:00 AM

حطّ الوفد الإلماني القادم من مدينة هامبورغ رحاله في لبنان مطلع الأسبوع الجاري، وذلك لمهمة تفقدية لمرفأ بيروت المتضرر جراء الانفجار الذي وقع يوم 4 آب الفائت، وأيضا لزيارة عدد من المسؤولين، حاملا معه مبادرة قد تعيد البريق الى المرفأ عبر إعادة إعماره، وقد تساهم في خلق آلاف فرص العمل للبنانيين. ويضم الوفد ممثلين عن شركة موانئ مدينة هامبورغ وعدد من الشركات المرافقة نذكر منها رولاند برغر، وإتش.بي.سي، وإتش.إتش.إل.إيه، وكوليرز. وشكّلت هذه الخطوة مفاجأة بالنسبة إلى اللبنانيين على مستوى معظم المسؤولين والشعب على حدٍّ سواء. وكانت المفارقة أن غالبية المعنيين الرسميين في لبنان ليسوا على عِلم بها.

واستهلّ الوفد المرافق جولته في زيارة الى محافظ بيروت القاضي مروان عبّود، الذي أكّد عبر LebanonOn أنّنا لمسنا كامل الجدّية والشفافية في المبادرة التي يطرحها الجانب الالماني، مؤكّدا في الوقت عينه أنّ "المبادرة مرتبطة بتشكيل حكومة جديدة في لبنان وفق المعايير الدولية وشرط أن يلتزم المسؤولون بتنفيذ الإصلاحات".
وفيما ينظر وزير الأشغال العامة والنقل في حكومة تصريف الأعمال ميشال نجّار بإيجابية الى هذه المبادرة وفق ما أكّده في اتصال معنا، حيث سيلتقي الوفد الإلماني ظهر اليوم في السراي الحكومي؛ ينظر آخرون الى ضرورة اللجوء الى دراسة الجدوى الإقتصادية لأيّ خطّة من أجل إعادة اعمار المرفأ وذلك قبل الشروع بالإتفاق عليها او البدء بتنفيذها.
وانطلاقا من وجهة نظر مغايرة تماما عمّا يتمّ تداوله او التصريح به، يؤكّد الوزير الأسبق فادي عبّود انّه ضدّ إعادة إعمار مرفأ بيروت في نفس المكان الذي تهدّم به، معتبرا انّ "ايّ انسان عاقل، ويفهم في ابجدية الاقتصاد، من المستحيل ان يقبل ببناء مرفأ على أرض قيمتها تفوق الـ20 مليار دولار؛ ناهيك عن انّه لا يوجد ايّ دولة في العالم تملك مرفأ في الـDowntown كما هو الحال لدينا، بالإضافة الى انّ شبكة الطرقات في العاصمة ومحيطها القريب لا تسمح بأن يحتوي المرفأ على 3 او 4 آلاف من الحاويات يوميا"، لذلك وبحسب عبّود، يمكن بناء المرفأ من جديد على بعد 25 او 30 كلم من بيروت.
وبالرغم من انّ الوفد الألماني قد أبلغ محافظ بيروت بأنهم يريدون إعادة إعمار المرفأ في بيروت على شاكلة مرفأ هامبورغ، يوضح عبّود انّ "مرفأ هامبورغ ليس في داخل المدينة بل هو على بعد 15 كلم من وسطها التجاري. وحتى لو دخّل المرفأ الى خزينة الدولة مليار او ملياري دولار، لا يرتقي برأيي هذا المدخول الى قيمة الارض البالغة قيمتها الـ20 مليار دولار؛ وبحسب ما هو متداول يبدو انّ التعاطي مع هذا الملف هو من باب العاطفة والسياسة وليس من باب الاقتصاد للأسف".
ويدعو عبّود عبر موقع LebanonOn كلّ المعنيين الى دراسة جدوى اقتصادية لتبيان مدى أهمية اعادة اعمار المرفأ في مكانه من عدمه، او نقله الى مكان آخر، مع الأخذ بعين الاعتبار وبشكل هام جدا، عدد فرص العمل التي قد يوفّرها مثل هذا المشروع ليس في المدى القريب فقط، بل حتى على المدى البعيد أيضا.
ويتابع: "يمكن للشركات الالمانية ان تجد امكنة اخرى لبناء المرفأ، كسلعاتا مثلا، حيث أن عمق المياه مناسب، والمنطقة قريبة من الاوتوستراد، وكذلك هي مناسبة لشق نفق يصل المرفأ بالبقاع، فدول الجوار". ولا بدّ بحسب عبّود من تأهيل خط سكك الحديد وفق المعايير الحديثة على طول الخطّ الساحلي ليكون أيضا في خدمة المرفأ، لافتا الى انّه "من خلال دراسات الجدوى الإقتصادية، يمكن للشركات الالمانية او غيرها أن تجد أمكنة، او مساحات خارج العاصمة لإعادة بناء المرفأ وليس بالضرورة في سلعاتا".
ويشدّد عبّود على انّ "مركز مرفأ بيروت الحالي هو أغلى قطعة أرض في الجمهورية اللبنانية، ويجب ان نستفيد منها بشكل نتمكّن من توسيع مساحة العاصمة، ولا ان نقوم بإعادة المرفأ كما كانت حالته السابقة، ويمكننا تحويله الى أهمّ مرفأ سياحي على شطّ المتوسّط". ويضيف: "لدينا أيضا المساحة الكافية لإستقبال ألف يخت، وانشاء مراكز لصيانة اليخوت وصناعة الصغيرة منها، والاستفادة أيضا من بناء الفنادق الضخمة والمجمّعات التجارية وانشاء الأسواق الإقتصادية الحرّة".
عبوّد وهو من أكثر المشجّعين للإستثمارات الأجنبية وتحديدا في هذه المرحلة، يعتبر انّه "لا بدّ من وجود هذه الاستثمارات، لكن يجب وفي الوقت ذاته، أن تنكفّ اليد الممدوة على المرفأ وموراده مثل (الجمارك، والـTVA، والـTugboats....)، نحن نريد ان نبني مرفأ حديثا يخدم لبنان والمنطقة، ولكن أكرّر ليس على مساحة أرض قيمتها 20 مليار دولار".
ويقول: "علينا بناء مرفأ بيروت بالطرق اللازمة لجعله يلعب دوره الاقليمي بشكل صحيح. وفي هذا الاطار لا يغشنّ احد ان مرفأ حيفا في اسرائيل قد يحلّ مكان مرفأ بيروت (حتى لو تمّ بناؤه خارج العاصمة)، لأنّ منطقة المشرق العربي بأكملها بحاجة الى مرفأ على ساحل المتوسط، ولا يمكن لأيّ مرفأ آخر ان يحظى بهذه الأهمية أكثر من مرفأ بيروت". ويردف عبّود: "مرفأ بيروت أقرب من مرفأ اللاذقية في سوريا الى الشام، وكذلك الأمر مع ميناء العقبة في الاردن، اذ ان مرفا بيروت اقرب منه الى العاصمة عَمّان".
ولطالما هذه الاستثمارات قادمة الى لبنان، وبما أنّ وجهة نظر الوزير عبّود الإقتصادية لديها مردودات أكبر بكثير على الاقتصادي الوطني، فلماذا لا يتم تنفيذ هذه الاستثمارات وفق هذه الرؤية؟
يؤكّد عبّود أنّ "هناك من يضع يده على مرفأ بيروت، وكذلك مصالح الكثيرين لا تسمح بذلك"، كاشفا انّ "الدولة لا تحصّل كل حقوقها من ارباح المرفأ، فمثلا اللجنة الموقتة لإدارة الاستثمار في مرفأ بيروت، وصل مدخولها الى 100 مليون دولار سنويا، ولم تبلغ حصة الدولة منه الـ20 مليون دولار". ويعتبر أنّ "الأموال التي سُلبت من مرفأ بيروت في خلال 30 سنة الأخيرة، تفتح الشهية لنفس التركيبة كي تبقى في المرفأ والإستفادة منه لمآرب شخصية وزبائنية".
ولكن هل الدول الأجنبية تتحمّل مسؤولية مشاركتها في هذه السرقات؟ يجيب عبّود: "لطالما الشركات الأجنبية كانت متواجدة في مرفأ بيروت سواء في النقل او الصيانة او رفع الحاويات... وكانت السمسرات، وعمليات النهب تتمّ من دون حسيب او رقيب".
وينتظر اللبنانيون في خلال الساعات المقبلة المعطيات الكاملة التي سيكشف عنها الوفد الألماني، حيث سيتمّ نشر كل تفاصيل المبادرة التي تحمّس اليها الجميع. فهل تتدارك الشركات الأمانية أهمية التوجهات الاقتصادية الاخرى لمرفأ بيروت؟ لننتظر ونرى.

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا