تعديل المرسوم 6433 حبرٌ على ورق

لبنان ON | | Saturday, April 17, 2021 9:04:00 AM

كتب نقولا ناصيف في الأخبار

فتح الخلاف الناجم عن مشروع مرسوم تعديل المرسوم 6433 بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب باباً على تكريس عُرف لم يعُد جديداً مذ بوشر قبل نحو عشر سنوات. رفض عون في 13 نيسان توقيع مشروع مرسوم أحاله عليه دياب، يقضي بتعديل تحديد المنطقة الاقتصادية الخالصة اللبنانية، كان قد أحاله إليه في اليوم السابق 12 نيسان. عُزي رفض الرئيس التوقيع إلى ربط تنفيذ المرسوم بموافقة مجلس الوزراء في جلسة بلا تاريخ، ولا أحد يعرف إن كانت ستُعقد - وهي لن تعقد - من غير أن يستند إلى الموافقة الاستثنائية، الجاري التعويل عليها منذ عام 2013 إثر استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي.

إلى دياب، وقّع مشروع المرسوم وزيرة الدفاع زينة عكر ووزير الأشغال ميشال نجار، بعد ربط الثلاثة تواقيعهم بتصويت مجلس الوزراء على مشروع المرسوم. عندما وصل إلى رئيس الجمهورية في الغداة أعاده إلى السرايا على الفور، فأضحى التعديل في خبر كان.
لم يكن ينقص بدعة الموافقة الاستثنائية سوى أخرى أحدث منها، هي توقيع مشروع مرسوم وربط نفاذه بجلسة لمجلس الوزراء لا تنعقد، فيما الموافقة الاستثنائية - بعلاتها الوفيرة - تجعل المرسوم نافذاً صالحاً للتطبيق، على أن يسوَّى أمر إقراره في المرجعية الدستورية الصحيحة لاحقاً.

في الموافقة الاستثنائية منح رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال نفسيهما حقاً لا يملكانه أساساً، هو أن يقرّرا نيابة عن مجلس الوزراء مجتمعاً، ويتجاهلانه، وينيطان بذاتيهما في معزل عنه تولّي السلطة الإجرائية، خصوصاً أن لمجلس الوزراء نصابَين ملزمين: نصاب انعقاد ونصاب تصويت، هما في صلب إنشاء هذه الهيئة الدستورية المستقلّة مجتمعة، المفترض أنها في اتفاق الطائف تمثّل سلطة تقرير جماعية.
قبل عام 2013، لم يُسمع بالموافقة الاستثنائية على مرّ تعاقب الحكومات منذ اتفاق الطائف. أحد الأسباب المعلومة، أن تأليف حكومات الحقبة السورية لم يحتَج في أسوأ الحالات إلى أكثر من أسبوعين لإبصارها النور. ما بين عامي 2005 و2008 ثلاث حكومات أطولها تأليفاً كانت ثالثتها استغرقت 44 يوماً، من ثم بدأت تتدحرج سلسلة المهل الطويلة للتأليف، بداية مع الرئيس سعد الحريري عام 2009، ثم مع ميقاتي عام 2011، وصولاً إلى الآن، مروراً بتعذّر التأليف الأطول عمراً مع حكومة الرئيس تمام سلام عشرة أشهر.
مذ ساد العمل بالموافقة الاستثنائية للمرة الأولى عام 2013 مع استقالة حكومة ميقاتي، ثم درجت مع استقالة حكومة الحريري عام 2018 فاستقالة حكومة دياب عام 2020، استُخدمت عبارة «الموافقة الاستثنائية» في المراسيم المقرّة، بدلاً من «بناء على قرار مجلس الوزراء». على أن تعمد الحكومة الجديدة، في أولى جلسات عملها بعد نيل الثقة، إلى «تأييد» الموافقة الاستثنائية تلك، وإقرارها على أنها موافقة متأخرة لمرسوم نافذ في الأصل كان قد بوشر تطبيقه. بذلك وُضعت مئات موافقات استثنائية منذ ذلك التاريخ.
بذريعة الضرورات تبيح المحظورات، وعدم جواز التئام حكومة مستقيلة في جلسات مجلس الوزراء، وتفادياً لحصول فراغ في المرافق العامة، اتّفق مذذاك على آلية الموافقة الاستثنائية التي يقتصر توقيعها على رئيس الجمهورية ورئيس حكومة تصريف الأعمال والوزير المختص أو الوزراء المختصين، دونما أيّ دور للوزراء الآخرين الذين يشكلون مجلس الوزراء، المعني الأول بالموافقة قبل الوصول إلى التوقيع والإصدار والنشر.
قضت آلية العمل بهذا الإجراء بالآتي: يوجّه الأمين العام لمجلس الوزراء كتاباً إلى المديرية العامة لرئاسة الجمهورية بغية إعلام رئيس الجمهورية بموافقة استثنائية لرئيس حكومة تصريف الأعمال على وضع مرسوم في موضوع ملح. يعود الجواب بموافقة استثنائية مماثلة من رئيس الجمهورية، فتعدّ الأمانة العامة لمجلس الوزراء مشروع المرسوم، مقروناً بقيدٍ هو الموافقة اللاحقة لمجلس الوزراء عليه عند تأليف حكومة جديدة. بصدوره يصبح المرسوم نافذاً. على أنّ أيّاً من الحكومات الجديدة التي تلت تلك المستقيلة، لم يسبق أن رفضت مراسيم وُضعت بناء على موافقات استثنائية.
ما حصل أخيراً بين عون ودياب تحوير لما يمكن أن يُعدّ عُرفاً إضافياً أضحى سارياً. لا تعديل المرسوم 6433 بُني على موافقة استثنائية، ولا هو مرسوم صحيح لمجرد أن اعتمد عبارة «بعد موافقة مجلس الوزراء» دونما أن تكون ثمّة جلسة أو حُدّد موعد لها. فإذا التعديل المُرسل إلى رئيس الجمهورية رمى سلفاً إلى رفضه، إذ بدا عديم الجدوى وخلواً من أي طبيعة قانونية أو دستورية. لا يعدو كونه حبراً على ورق.

لقراءة المزيد اضغط هنا

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا