إيران والسعودية: إتفاقية أمنية تعود من الماضي لتحوّل مستقبل المنطقة.. المملكة قفزت على أكبر لغم أميركي (2)

خاص ON | علي الحاج | Saturday, December 23, 2023 4:01:00 PM

علي الحاج - خاص LebanonOn

(لقراءة الجزء الاول من المقال إضغط هنا) في الحديث عن توجّه السعودية وايران الى استعادة تعاونهما العسكري، أشار المحلل السياسي الايراني مصدق مصدق بور الى أنّ "البلدين وقّعا في نيسان 2001 اتفاقیة أمنية بينهما نصت آنذاك على إنشاء منتدى أمني للحوار الاستراتيجي بين البلدين لرصد المخاطر المشتركة وإنشاء آلية للتعامل معها، فضلاً عن التعاون في مجال مكافحة الجرائم المنظمة وتزوير الوثائق الرسمية والإرهاب الدولي، وعن جریمة تبییض الأموال والجرائم الاقتصادية من خلال مواجهة عمليات غسيل الأموال ومكافحة جرائم تهريب الأسلحة والبضائع والآثار وکل ما یتعلق بالتراث الثقافي".

ولفت الى أنّ "التعاون في مجال الإنقاذ البحري وعمليات التسلل غير المشروعة والتعاون في مكافحة المخدرات وفي مجال التدريب الأمني لقوات الشرطة وتبادل الخبرات والمعلومات الأمنية ومنع الهجرة غير الشرعية ومراقبة الحدود والمياه الإقليمية هي من بين المحاور الأخرى للاتفاقية المذكورة".

وأكد مصدق بور في حديثه لموقع LebanonOn أنه "بالنظر إلى بنود هذه الاتفاقية يتبين أن هذه الاتفاقية لم تكن مجرد اتفاقية أمنية فحسب، بل عسكرية أيضا، رغم أن وزير الداخلية السعودي قال حينها بعد التوقيع عليها إن هذه الاتفاقية ليس لها أبعاد عسكرية، بل ستخدم أمن المنطقة. في المقابل وصف وزير الداخلية الإيراني الاتفاقية الأمنية بأنها تطور مهم ونقطة تحول في مجالات التعاون بين السعودية وإيران وقال إن هذه الاتفاقية سيكون لها تأثير إيجابي على المنطقة وستساعد في فتح آفاق كثيرة للتعاون والتفاعل البناء بين البلدين؛ وبموجب المادة التاسعة من الاتفاقية تم تشكيل لجنة أمنية مشتركة، اجتمعت مرتين، الأولى في تشرين الثاني 2001 والثانية في نيسان 2008، لبحث سبل تفعيل الاتفاق".

وقال: "التعاون الدفاعي والعسكري يتطلب السلام والاستقرار والاتفاق بین وجهات النظر، فضلا عن غياب الميليشيات وغياب الإرهاب، کما يتطلب استتباب الامن والاستقرار في المنطقة وإرساء الاستقرار في الدول العربية بما فيها العراق وسوريا واليمن وفلسطين ولبنان، وان تحقيق هذه القضية سيستغرق وقتا طویلا، فما هو واضح إن التعاون العسكري والأمني لا يتحقق صدفة عبر التصريحات الکلامیة، بل يقوم على قواعد ومبادئ عامة تشمل الجميع وأمن واستقرار المنطقة.

وتابع مصدق بور أنه من دون شك إن "عملية استئناف العلاقات بين إيران والسعودية تشبه بناء الطابق الأرضي من مبنى يمكن لدول أخرى في المنطقة أن تبني عليه سياساتها، وفي الوقت نفسه، من الممكن أن يؤدي هذا الاتفاق إلى تقليص النفوذ الأميركي في غرب آسيا فضلا عن إضعاف موقف الكيان الاسرائيلي، كما انها نجحت في تثبيت حكومة الرئيس بشار الأسد وعودة سوريا إلى الحضن العربي ناهيك عن انها ساهمت بشكل ملحوظ في وضع حد للعزلة الاقتصادية لإيران علی عکس ما تسعی الیه "إسرائيل".

وأضاف: "ربما من المبکر لاوانه الجزم بان التقارب الایرانی السعودي والاتفاقيات العسكرية والامنية سوف تلجم والى الابد عملية التطبيع بين السعودية واسرائيل نظرا للمحددات والكوابح الموجودة امام الرياض واهمها التأثير الاميركي على القرار السعودي واعتقد انّه بامكان حكام السعودية ان يعالجوا هذه التحديات بحكمة وشجاعة وعدم التأثر بخطط "اميركا وإسرائيل" الرامية الى تقويض اتفاقهم مع ايران واعادة الامور الى المربع الاول، ونحن لمسنا بعض الخطوات الجريئة في الموقف السعودي الجديد الناجم عن سياستها الانفتاحية تجاه طهران ونأمل ان تواصل الرياض هذه الخطوات بجرأة واقدام أكثر".

وأردف مصدق بور، قائلا: "عموما وکما یعتقد الکثیر من الخبراء والمراقبين السیاسیین انه حتى مع وساطة الصين، فإن عملية استئناف العلاقات بين البلدين ستكون بطيئة، ولا يمكن لهذين البلدين أن يحولا المنافسة التاريخية بينهما إلى تعاون كبير بين عشية وضحاها وأعتقد أن العلاقات بين البلدين ستنتقل من فترة المواجهة إلى فترة أكثر طبيعية تنساق الخلافات في الرأي والتنافس بینهما نحو التعاون".

كما ورأى مصدق بور أنه "یجب ان ننتبه الى حقيقة انّ السعودية وبقیة الدول الخليجية تريد شراكة عالمية مع أميركا باعتبارها الركيزة الأساسية، وحددت طیلة العقد الماضي تفضيلاتها وأولوياتها في إطار إقامة علاقات أوثق مع أميركا؛ لكنها واظبت في نفس الوقت علی عدم قطع علاقاتها مع القوى الكبرى الأخرى، وتحديدا الصين وروسيا لأنها لم تشعر أبدًا بالأمان في علاقاتها مع أميركا واعتقد ان الریاض تحاول ان تتبع نفس التوجه مع ایران أیضا"؛ معتبرا أنّ "السعودية انتهت من كونها ماكينة الصراف الآلي في العالم ولم تعد البقرة الحلوب، ويمكن أن تكون اليمن أهم منطقة للاستفادة من استئناف العلاقات بين البلدين، وأنه قد يكون الحوثيون قد سئموا من 9 سنوات من الحرب الأهلية لکن السعوديين یعرفون أن أصغر صاروخ يمني يمكن أن يكلفهم 500 مليون دولار".

وألقى الضوء على أنه عموما هذه المعطيات قد تجعلنا نشهد في المستقبل تحولا الی حد ما فی الموقف السعودي تجاه القضية الفلسطينية من سماته البارزة تغيير المقاربة السعودية حول فلسطين وقد شهدنا ترجمة ملموسة لهذا التحول وان كان متواضعا الى حد ما من خلال المواقف التي تتخذها السعودية تجاه الحرب في غزة ورفضها الانضمام الى الحلف الاميركي في البحر الاحمر والمصمم اساسا للمواجهة مع انصار الله بسبب اعتراضها لعبور لسفن الاسرائيلية وغيرها من السفن العاملة في خدمة المشروع الحربي لنتنياهو في غزة، وقال: "في نفس الوقت يجب ان أؤكد على ان ايران تراقب عن كثب تحولات الموقف السعودي على صعيد حرب غزة وان السعودية هي اليوم على المحك بالنسبة لإيران".

واشار مصدق بور الى أن العديد من الدول رحبت بالاتفاق بين طهران والرياض وقرأته بما ينسجم مع الأمن والاستقرار في المنطقة، وقالت الصين إنها لا تسعى لملء "فراغ" السلطة في المنطقة، بينما قال البعض إن أميركا تريد تقليص دورها فيها، مشيرا الى نّ "قبل ايام معدودة قفزت السعودية على أكبر لغم زرعته اميركا للإخلال بعلاقاتها مع إيران من خلال عدم انضمامها للحلف البحري الذي اعلنت عنه الولايات المتحدة لمحاربة الحوثيين ويعزو البعض هذا الرفض السعودي الى عاملين، الاول التخوف من استئناف الهجمات الصاروخية ضد منشائها النفطية في حال دخولها للحلف، والثاني رغبتها في عدم المساس بعلاقاتها مع إيران، لكن على اي حال وكما قلت ان الموقف السعودي مازال على المحك ويجب ان ننتظر خواتيم الامور".

| تابعوا آخر أخبار "Lebanon On" عبر Google News اضغط هنا

| لمتابعة آخر الأخبار والتطورات اشتركوا بقناتنا عبر واتساب اضغط هنا